الجامعة اللبنانية "مكربجة".. هل تنجح عودة الطلاب؟
كتبت فاتن الحاج في "الأخبار":
عجلة انطلاق العام الدراسي في الجامعة اللبنانية «مكربجة»، ورئيسها الجديد بسام بدران، يعوّل خصوصاً على مساهمة الأساتذة بمختلف فئاتهم (ملاك، تعاقد بالتفرّغ، تعاقد بالساعة) في إنجاح العودة، في سياق بادرة حسن نية تجاهه على الأقل، وإعطائه، مع بداية عهده، فرصة العمل لحلحلة الملفات العالقة ضمن الإجراءات القانونية المطلوبة. أما الأساتذة فباتوا متيقّنين بأن جامعة الـ 80 ألف طالب هي خارج حسابات السلطة السياسية «وما حدا اليوم حاسس أصلاً بإضرابها المفتوح»، فيما السؤال الأكبر المطروح: هل العودة ممكنة عن قرب أو عن بعد، في ما لو فُكّ الإضراب؟
رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة عامر حلواني، أقرّ بأن الضغط النقابي الحالي ليس فعّالاً «لكون الجامعة خارج سلم اهتمامات السلطة، ووزير التربية لم يعطها الوقت الكافي على غرار ما فعل مع أساتذة التعليم العام ما قبل الجامعي»، مشيراً إلى أن «فك الإضراب لا يعني أن الأمور ستنتظم، فلا كهرباء ولا صيانة في المجمّعات الجامعية. في مجمع الشمال، مثلاً، توقّفت الصيانة كلياً، فيما الشركة المولجة صيانة مجمع الحدث تهدد بالتوقف عن العمل، والأساتذة والطلاب والموظفون غير قادرين على الوصول إلى كلياتهم».
الأساتذة المتعاقدون الذين شكّلوا لجنتهم الخاصة التي تضم مندوبين عن كل الكليات والفروع في بيروت والمناطق ينخرطون في حراك مستقلّ عن حراك الهيئة التنفيذية للرابطة، وإن كان ينسق معها في بعض المواقف. المعركة المفصلية بالنسبة إلى هؤلاء هي التفرغ والاستقرار الوظيفي وليس المطالبة بأي مساعدة اجتماعية. وقد أعلنوا أنهم لن يدخلوا الصفوف هذا العام إلا وهم متفرغون. «نكون أو لا نكون»، كما قال الأستاذ المتعاقد والناشط في لجنة المتعاقدين داني عثمان، لافتاً إلى أنها يجب أن تكون هذه المرة معركة كسر عظم للحفاظ على كرامة الأستاذ المنتمي إلى جامعته، وبالتالي الصمود في الإضراب سيغير النتيجة والتراجع يساوي الانتحار».
لا يخفي عثمان كيف أن «الواقع الحكومي في كل مرة يعرقل الملف ويمنع وصوله إلى خواتيمه، ولا نخرج سوى بوعود عرقوبية»، مؤكداً أن التفرغ ليس توظيفاً جديداً.
في المقابل، يبدو بدران مقتنعاً بأن «لا مناص، في ظل التطورات الواقعية في البلد ولا سيما عدم التئام مجلس الوزراء، من تحمّل مسؤولياتنا تجاه طلابنا وإنقاذ مستقبلهم». يقرّ بأنه لا يملك عصا سحرية، وأن الحلول مرهونة بـ «الوقت» و«إمكانات الجامعة».
لكن، على ماذا سيبني الأساتذة لتعليق مقاطعتهم للعام الدراسي إذا لم يتلقّوا حتى الآن سوى الوعود بلا تحديد لأي جدولة زمنية لتحقيقها؟ ماذا حلّ بملف التفرغ؟ أين أصبح ملف دخول الملاك؟ وفي ظل الرفض التام لأي تعديل للرواتب التي فقدت 95 في المئة من قدرتها الشرائية، لماذا استثنيَت الجامعة من كل مشاريع المساعدات الاجتماعية، إن من سلفة الخزينة بقيمة 600 مليار ليرة التي أعطيت لموظفي القطاع العام وتساوي أساس راتب شهري واحد، أو من المنح الاجتماعية الشهرية بالدولار المنويّ تحويلها من الجهات المانحة لزملائهم في التعليم الأساسي والثانوي الرسمي؟ ومتى سيبدأ دفع مساهمة الـ 20 مليون ليرة للأساتذة المتفرغين وفي الملاك لضمان استمرارهم في عملهم التدريسي والبحثي وخدمة طلابهم، من خلال تجديد المستلزمات التقنية الخاصة بهم بشكل دوري، والمقرّر تسديدها من أموال PCR على ثلاث دفعات؟
بحسب بدران، ملف تفرّغ الأساتذة المتعاقدين بالساعة ليس ناجزاً بعد، ويحتاج إلى وقت لمعالجته بالتعاون مع وزير التربية عباس الحلبي، تمهيداً لرفعه إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وقال إنه سيدعو ممثلي المتعاقدين إلى لقاء، قريباً، لبحث الخيارات المتاحة للعودة إلى الدراسة، مع إمكانية تخصيص مساعدة اجتماعية شهرية لهم. وكان المدربون في الجامعة علقوا، أخيراً، إضرابهم وبدأوا أعمال التسجيل، فيما نالوا مساعدة شهرية بقيمة 500 ألف ليرة.
وفي ما يتعلق بملف دخول الأساتذة المتعاقدين بالتفرغ ملاك الجامعة، أشار الرئيس إلى أنّه سيرفع الملف، اليوم، إلى وزير التربية الذي وعد بتحويله مباشرة إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وبالنسبة إلى منحة «راتب شهر» التي أعطيت لموظفي القطاع العام على دفعتين، فإن أساتذة الجامعة اللبنانية المتفرغين وفي الملاك سينالون منحة مماثلة، وفق بدران، ابتداءً من منتصف الشهر الجاري، بعد تحويل أموال من احتياط موازنة الجامعة.
أما الـ 20 مليون ليرة فستُدفع للأساتذة قريباً، كما قال بدران، من دون أن يلتزم بتحديد تاريخ معين لدفعها، «وسنستمر في إعطاء المساعدة الشهرية بقيمة مليون ليرة لكل أستاذ متفرّغ وفي الملاك».
إدارة الجامعة تتفاوض أيضاً مع الجهات المانحة والبنك الدولي لتأمين مساعدة مالية شهرية بالدولار للأساتذة، إلا أن هذه العملية ستستغرق وقتاً طويلاً، وأكد رئيس الجامعة أنه يواصل مباحثات بدأها سلفه فؤاد أيوب، وسيعقد اجتماعاً مع موفد سيأتي إلى بيروت قريباً.
وعن شكل التعليم في العام الدراسي الحالي، قال بدران إن التشاور مع عمداء الكليات أفضى إلى التوافق على أن يكون التعليم في السنوات الأولى في الكليات المفتوحة بجزء كبير، فيما يكون مدمجاً في سنوات التخرّج والدراسات العليا في هذه الكليات وفي الكليات التطبيقية.
لكن هل سيستطيع الطلاب مواكبة التعليم الحضوري والوصول إلى كلياتهم؟ يجيب بدران: «لكليات الجامعة فروع وشعب في كل منطقة ما عدا الكليات الطبية الموحّدة مثل العلوم الطبية والصيدلة وطب الأسنان، وبالتالي يستطيع الطالب أن يختار الفرع أو الشعبة القريبة من مكان سكنه وهو ليس مضطراً في مرحلة الإجازة الجامعية للحضور إلى بيروت لمتابعة تعليمه».