لبنان بمرحلة انتقالية إلى الانتخابات.. بانتظار سوريا ومفاوضات فيينا
كتب منير الربيع في "المدن":
الحركة فرنسية لافتة لبنانياً وشرق أوسطياً، على وقع إعادة السفير الفرنسي إلى واشنطن بعد الخلاف الذي حصل بين الطرفين. فهل يكون ثمن إرضاء باريس بعضُ الملفات اللبنانية؟
والتطورات العربية لافتة تجاه سوريا. فرئيس وزراء الأردن سارع إلى زيارة لبنان. والحديث عن تشكيل لجنة ثلاثية أردنية– لبنانية-سورية، إضافة إلى البحث اللبناني في إمكان تشكيل وفد لزيارة دمشق، لا ينفصل عن تطورات ملفي الغاز المصري والكهرباء الأردنية، بعد إدخال النفط الإيراني إلى لبنان.
وهناك حركة لافتة للسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، ومنها لقاءاتها بوزير الداخلية. فعدا عن زيارة التعارف البروتوكولية، أكدت السفيرة على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها. وهي زارت وزير المالية وعقدت لقاء مع وفد من جمعية المصارف. وهذا يشير إلى اهتمام أميركي مركّز على آلية مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي. ويأتي ذلك في ظل حركة واضحة أميركياً ولبنانياً لإعادة تفعيل مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ولا بد لهذه الملفات أن تترابط في ما بينها.
فرنسا تحاول سعودياً
وفي المقابل، تشير المعلومات إلى تواصل فرنسي–سعودي، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يحقق خرقاً مع السعودية. وكان الجواب السعودي: لا اهتمام مطلقاً بلبنان، فاللبنانيون أخطأوا في حق أنفسهم، وليفعلوا ما شاؤوا، وليس من جهوزية لمساعدتهم قبل توافر شروط يفرضها المجتمع الدولي، أي الوصول إلى تسوية سياسية شاملة تتعلق بالسلاح والسياسة الخارجية وترسيم الحدود ووقف التهريب.
وهذه شروط سعودية عالية جداً، ليس من السهل الوصول إلى حلول سريعة لها. وتشير المعلومات إلى أن باريس مستمرة في محاولاتها مع الرياض من خلال إرسال وفد سياسي واستخباري للقاء المسؤولين السعوديين، تحضيراً لزيارة ماكرون إلى المملكة. وسيكون الملف اللبناني أولوية في المباحثات.
في انتظار أميركا
ولا تبدي السعودية أي اهتمام بلبنان. ولمّا قيل للسعوديين إن سياستهم هذه تقود البلد بكامله إلى الوقوع في يد إيران، وتخضعه لنفوذها، كان الجواب السعودي: "لا شأن للسعودية بذلك. فليفعل اللبنانيون ما يريدونه. لن نسهم في تمويل إعادة تعويم نظام طبقة سياسية لم تنجح في حماية بلدها وشعبها وخياراتها العربية".
ولا بد لهذا التوجه السعودي من أن ينفجر في وجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وهو الذي رفع عنواناً أساسياً لحكومته: استعادة علاقة لبنان بالعرب. وفيما يبقى الباب السعودي مغلقاً، من غير المعروف حتى الآن كيف يكون حال دول الخليج الأخرى. وهناك ترجيحات بعدم تجاوز أي دولة السقف السعودي.
فالشروط السعودية لا تنفصل عن شروط المجتمع الدولي، التي صدرت في بيان مجلس الأمن الدولي قبل أيام، وهو مخصص للوضع في لبنان. وما كان لافتاً فيه هو صدوره بإجماع الدول الأعضاء. والأهم أنه ذكر القرارات الدولية كلها بالتحديد، وخصوصاً القرارين 1559 و1701. ما يعني إعطاء بعد سياسي بعيد المدى يرتبط بحزب الله وسلاحه.
وينظر المجتمع الدولي إلى لبنان حالياً وكأنه في مرحلة انتقالية، من الآن وحتى موعد الانتخابات. وهناك تطورات كثيرة تنعكس على لبنان. وتقول مصادر ديبلوماسية إنه لا بد من مراقبة التطورات السورية في ضوء معطيات تفيد بمزيد من الخطوات الدولية تجاه دمشق، فرنسياً وعربياً. وهذا على وقع إعادة إحياء مفاوضات فيينا بين واشنطن وطهران. وثمة ضياع في الرؤية الأميركية حتى الآن، وضياع مماثل في لبنان.