إذا فاز ترامب عام 2024.. ستكون آخر انتخابات في أميركا
كتب توماس فريدمان في "نيويورك تايمز":
قبل بضعة أشهر أتيحت لي الفرصة لإجراء محادثة طويلة مع عضو الكونغرس الجمهورية ليز تشيني، وبينما اختلفنا حول العديد من القضايا السياسية، لم يكن من الممكن أن أكون أكثر إعجاباً بحجتها الثابتة بأن دونالد ترامب يمثل تهديداً غير مسبوق للديمقراطية الأميركية. لقد أدهشني أيضاً تمسّكها بجميع القضايا التي تؤمن بها، وتحمّلها للمخاطر، بما في ذلك الأذى الجسدي، ليس فقط في تصويتها على عزل ترامب، لكن أيضاً للمساعدة في قيادة تحقيق مجلس النواب في تمرد 6 يناير.
لكن في نهاية حديثنا، لم يكن بإمكاني سوى هز رأسي وأسأل: ليز، كيف يمكن أن تكون الجمهورية الوحيدة التي تفعل ذلك؟. ولم ترد.
ففي النهاية، لا يترك السيل الأخير من القصص الإخبارية والكتب أدنى شك في أن ترامب كان يحاول تجنيد نائبه ووزارة العدل والمشرعين الجمهوريين المطيعين في الولايات لتنفيذ انقلاب يبقيه في البيت الأبيض بحجة تزوير الانتخابات.
وتجد كل الحزب الجمهوري (باستثناء تشيني والنائب آدم كينزينغر، الذي يخاطر أيضاً بكل ما لديه للانضمام إلى التحقيق في 6 يناير، وعدد قليل من الجمهوريين الآخرين الذين تحدوا ترامب بشأن المساءلة) أذعن بلا خجل لإرادة ترامب أو قرر التقاعد بهدوء.
إنهم جميعاً متواطئون في أكبر خطيئة سياسية يمكن تخيلها: تدمير الإيمان بالعملية الأكثر قداسة في بلادنا، والتداول السلمي والشرعي للسلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة.
وبالنظر إلى الكيفية التي يعمل بها ترامب وعقيدته القائمة على سن قوانين جديدة وعمليات تدقيق زائفة، وادعاءات بالاحتيال وتنصيب المزيد من مسؤولي انتخابات الولايات لضمان الفوز في عام 2024 بغض النظر عن العدد، ليس هناك شك في أن تجربة 245 عاماً من الديمقراطية الأميركية أصبحت في خطر حقيقي. قد تكون انتخاباتنا الرئاسية المقبلة آخر انتخابات لنا كمثال ساطع للديمقراطية.
لحظة خطيرة
فقط استمع إلى مخاطبة تشيني لزملائها الجمهوريين في برنامج «60 دقيقة»، الأحد الماضي. قالت إنهم شجعوا ترامب على نزع الشرعية عن الانتخابات الأخيرة، مضيفة: «بالرغم من نفي المحاكم لوجود أي تزوير.. نحن نساهم في تقويض نظامنا. وهي حقاً لحظة خطيرة جداً».
هذا هو الخط الأحمر. وهذا يقودني لتوجيه السؤال إلى الديمقراطيين في الكونغرس: هل أنتم مستعدون للمخاطرة كما فعلت ليز تشيني لعمل ما هو ضروري الآن، لإنقاذ ديمقراطيتنا؟. لأنه عندما يصبح أحد الأطراف في نظامنا المكون من حزبَين شريراً تماماً يقع على عاتق الطرف الآخر التصرف. على الديمقراطيين القيام بثلاثة أشياء في الوقت نفسه:
1 - دفع أجندتهم
2 - حماية نزاهة انتخاباتنا
3 - منع هذه النسخة غير المبدئية من سياسة الحزب الجمهوري التي يمثلها ترامب من الوصول الى السلطة، مرة أخرى.
إنها مهمة شاقة وعبء غير عادل بالكامل من نواح كثيرة. لكن إذا كانت تشيني مستعد للمخاطرة بكل شيء لإيقاف ترامب فعلى الديمقراطيين - المعتدلين والتقدميين - الارتقاء إلى هذه اللحظة وتشكيل الأغلبية المطلوبة في مجلسي الشيوخ والنواب لتمرير مشروع قانون البنية التحتية من الحزبين (المقرر الآن للتصويت يوم الخميس في مجلس النواب).
لكن إذا تشتت جهود الديموقراطيين ودخلت رئاسة بايدن في حالة من الانهيار - واستعاد جمهوريو ترامب مجلسي النواب والشيوخ ودفعوا ترامب للعودة إلى البيت الأبيض - فلن تكون هناك فرصة للإنقاذ، وسيكون الأوان قد فات.
مهمة صعبة
لذا، أكرر: هل يتمتع النائب جوش غوتهايمر زعيم الديمقراطيين الوسطيين في مجلس النواب والنائبة براميلا جايابال زعيمة التجمع التقدمي في الكونغرس بالقدرة على تولي المهمة الصعبة؟ وهل أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون الوسطيون مثل جو مانشين وكيرستن سينيما مستعدون للمخاطرة بعدم إعادة انتخابهم بالطريقة التي انتهجتها ليز تشيني من خلال التوصل إلى تسوية جوهرية لإقرار قانون يضمن نزاهة الانتخابات؟ أم أنهم سيتصرفون مثل نظرائهم الجمهوريين الذين ساروا خلف ترامب؟
يحتاج التقدميون إلى الشجاعة لقبول أقل مما يريدون. يمكنهم أيضاً استخدام المزيد من التواضع من خلال الاعتراف بأن إنفاق تريليونات الدولارات في وقت واحد قد يكون له بعض الآثار غير المقصودة.
إذا تم دفع رئاسة بايدن إلى الأمام ونظر إليها على أنها نجاح للأميركيين العاديين يمكن للديمقراطيين المحافظة على سيطرتهم على مجلس الشيوخ ومجلس النواب وتعزيزها.
ويحتاج المعتدلون إلى الشجاعة لإعطاء التقدميين أكثر بكثير مما يفضله المعتدلون. لقد ساعدت الفجوات في الدخل والفرص في أميركا على إنتاج ترامب. ويستمر تراجعنا إذا بقيت.
ولا يخاطر أيٌّ من المشرعين الديمقراطيين بمستقبله السياسي من خلال مثل هذه التسوية، وهي لعبة أطفال مقارنة بلمخاطر التي تقدم عليها تشيني. لكني أخشى ألا يسود المنطق السليم. وكما قال لي النائب الديمقراطي في ولاية مينيسوتا دين فيليبس، بعد التجمع الحزبي للديمقراطيين في مجلس النواب يوم الثلاثاء: «إن غياب البراغماتية بين الديمقراطيين أمر مقلق مثل غياب المبدأ بين الجمهوريين».