فرنجية لـ"التيار" و"القوات": كفى مزايدة
كتب عماد مرمل في "الجمهورية":
ماذا فعل النائب طوني فرنجية في موسكو التي زارها قبل أيام، على إيقاع تشكيل الحكومة اللبنانية وخلط الأوراق في الإقليم؟ وعلي اي ضفة يقف في الاشتباك المستجد حول اقتراع المغتربين في الانتخابات النيابية، وسط اصطفاف لا يخلو من أبعاد طائفية؟
يحرص تيار «المردة» على إبقاء «الحرارة» سارية في الأسلاك الديبلوماسية والسياسية التي تربط بنشعي بموسكو، على وقع زيارات كل من رئيس «المردة» سليمان فرنجية وابنه النائب طوني للعاصمة الروسية، في مراحل مختلفة خلال السنوات الأخيرة، حتى أصبح التواصل بين الجانبين شبه دوري.
يعرف «المردة» أهمية الحضور النوعي للروس في المنطقة، خصوصاً بعد تثبيت دورهم الاستراتيجي في سوريا المجاورة للبنان. وتعرف موسكو الأهمية السياسية لآل فرنجية في لبنان منذ ايام الجد وما قبله، وصولاً الى الحفيد وابنه، فكان القرار المشترك بتعزيز الانفتاح المتبادل.
وضمن هذا السياق، زار النائب طوني فرنجية موسكو قبل أيام، يرافقه الوزيران السابقان ميشال نجار ويوسف سعادة، وكان للوفد لقاء دسم مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي الى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. خلال اللقاء، أبدى بوغدانوف ارتياحه الى تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، آملاً في أن تستطيع التخفيف من وطأة الأزمة الحالية في لبنان، ومشدّداً على أهمية الصداقة اللبنانية ـ الروسية. كما أعطى إشارة الى ضرورة تفعيل العلاقة بين لبنان وسوريا «خصوصاً انّ في ذلك مصلحة حيوية لكم بالدرجة الأولى»، ملتقياً بذلك مع موقف فرنجية الذي يعتبر انّ السياسة الخارجية للبلد لا يجب أن تتأثر بعاطفة هذا أو ذاك ممن لديه مشكلة قديمة مع دمشق، «لأنّ المصلحة العليا لا تتوقف عند عواطف البعض».
اما الانتخابات الرئاسية المقبلة التي يُعتبر سليمان فرنجية احد ارقامها الصعبة، فلم تحضر على طاولة النقاش، الّا انّ الأرجح هو انّ طيف مرشحها الشمالي كان يحوم في المكان تلقائياً وبديهياً، مع اقتراب موعد الدخول في مرحلة الاستحقاقات المفصلية، من النيابية الى الرئاسية.
ويلفت العارفون، الى انّ موسكو تفضّل من حيث المبدأ ان يكون رئيس الجمهورية المقبل براغماتياً وغير استفزازي، وقادراً على التواصل مع الجميع، انما من دون أن يكون لها تدخّل مباشر في الاختيار، على قاعدة انّه شأن داخلي لبناني. وعلى رغم ذلك، يشير هؤلاء الى انّ علاقة فرنجية الأب بالروس وثيقة، وهم سيكونون مسرورين إذا وصل الى سدّة الرئاسة.
وإلى جانب الشأن اللبناني، استحوذ وضع المنطقة على حيز واسع من البحث بين بوغدانوف ووفد «المردة»، خصوصاً في ما يتعلق بتطورات الملف السوري. ووفق انطباعات مصادر المجتمعين، يبدو انّ مرحلة التسويات الكبرى في المنطقة اقتربت، وانّ هناك تسليماً من الجميع بأنّ نظام الرئيس بشار الأسد باقٍ ويجب إيجاد طريقة للتعاطي معه.
وعرض فرنجية امام المسؤول الروسي مقاربته لواقع الساحة اللبنانية ومستجداتها، وركّز على ضرورة تحصين الاعتدال في المنطقة بعيداً من الخطاب المذهبي والطائفي.
لكن وللمفارقة، ما أن عاد طوني فرنجية الى بيروت حتى وجد انّ معدلات الاحتقان الطائفي آخذة في الارتفاع، تحت وطأة احتدام الخلاف الداخلي حول مشاركة المغتربين في الاقتراع خلال الانتخابات النيابية المقبلة. فأين يقف «المردة» من هذا الخلاف؟ وهل يتمسّك بتصويت ناخبي الاغتراب في الاستحقاق المقبل كما فعل «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، ام يتفهم مطالبة البعض، خصوصاً الثنائي حركة «امل» و«حزب الله»، بضرورة تأجيل تطبيق هذا الشق من القانون الانتخابي؟
يقول فرنجية لـ «الجمهورية»، انّ «التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يخوضان معركة مغالاة ومزايدات للتلاعب بعواطف المغتربين واستجرار العطف المسيحي»، مشدّداً على «أنّ المغتربين هم بالتأكيد جزء لا يتجزأ من النسيج اللبناني، ويجب أن يكون لهم حق الاقتراع والمشاركة في رسم مستقبل البلد، لكن هناك في المقابل مشكلة حقيقية لا يمكن تجاهلها، وتكمن في انعدام تكافؤ الفرص بين المتنافسين انتخابياً في الخارج، لأنّ «حزب الله»، الذي هو مكوّن اساسي، مصنّف إرهابياً على مستوى عدد من الدول، وبالتالي هو لا يستطيع اعتماد مرشحين ولا خوض حملات انتخابية في تلك الدول، الأمر الذي من شأنه ان يضرب عدالة الانتخابات ومعايبرها الواحدة».
ويضيف: «من هذه الزاوية تحديداً نتفهم الهاجس المشروع لدى «حزب الله» وحركة «امل» ونؤيّد تعليق المادة المتعلقة باقتراع المغتربين في قانون الانتخاب الى حين تغيّر الظروف القاهرة المحيطة بها».
ويشير فرنجية، الى انّ «التيار» و«القوات» يدركان انّه «سيتمّ في نهاية المطاف تجميد تلك المادة لأنّ الأسباب الموجبة لذلك مشروعة، الّا أنّهما قرّرا استغلال هذه المسألة لدوافع انتخابية وبيع المغتربين مواقف استعراضية من كيسهم، ونصيحتي لهما ان يكّفا عن المزايدة لأنّ وضع البلد لم يعد يتحمّل».