رهانات العهد تخيب: المفاوضات مع الصندوق في خطر.. واللقاء الوطني ايضا!
رغم تقرير كنعان.. الخلاف على "الأرقام" لم يُسوَّ بعد ودياب يحملها الى بعبدا
باسيل يهجم سياسيا وماليا وفرنجية يرد..والقوات: حوار ام دردشة على فنجان قهوة؟
المركزية- بدا في نهاية الاسبوع، ان "خشبات الخلاص" التي يتمسّك بها العهد لانقاذ نفسه من الغرق على الصعد كافة، ولحماية نفسه من غضب الناس، تتحطّم. فالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي مهدّدة على ما أعلن اليوم مَن يكاد يكون الشخص رقم 2 في الجمهورية اللبنانية، عنينا رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، عازيا الخطر هذا، الى رفض فريق في الداخل - قاصدا القطاع المصرفي وبعض الحكومة - الارقامَ التي وضعتها الاخيرة في خطتها الاقتصادية، قبل ان يجزم بأن البلاد ستسقط نهائيا ماليا ونقديا واقتصاديا، في حال سقط خيار "الصندوق"... اما سترة "النجاة الثانية" التي يعوّل عليها الحُكم، فتتمثل في "اللقاء الوطني" الذي دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. فاذا كانت "خيوطها" اصلا "ركيكة"، بفعل عدم حماس القوى المعارضة للمبادرة الحوارية، والتي تشكك في نتائجها وفي جدول اعمالها "الضبابي" -رغم محاولة بعبدا حشر الخصوم وإحراجهم لجرّهم على الحضور من خلال تعميمها ان الهدف من الحوار تعزيزُ السلم الاهلي ووأد الفتنة - فإن عملية نسج خيوطها قد تكون تعرّضت لنسف نهائي، بعد اطلاق رئيس التيار في مؤتمره اليوم، النار في كل الاتجاهات وعلى الاطراف السياسية كلّها، من الخصوم وصولا الى الحلفاء، مرورا بالحلفاء – الخصوم! والأخطر في هذه المعطيات، أن العهد ليس وحده المتضرّر من الفشل على الجبهات كلّها، بل سيدفع ثمنَ صراع اهل البيت الوزاري الداخلي، وثمنَ الاشتباك السياسي العام، الشعبُ اللبناني بأسره، من لقمة عيشه وصحّته ومدّخراته، وكرامته...
الخلاف على حاله؟: رغم اصدار لجنة تقصي الحقائق تقريرها النهائي في شأن الخطة الاقتصادية للحكومة وأرقام خسائرها، ورغم الجولة التي قام بها امس رئيسها رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان على الرئاسات الثلاث شارحا مضمونه، قبل ان يرأس رئيس الحكومة اجتماعا وزاريا ماليا مساء امس لمناقشته، فإن الخلاف بين بعض اهل الحكومة من جهة (رئيسها والتيار الوطني) وبعضها الآخر واللجنة والقطاع المصرفي، لم يُسوَّ بعد. وللغاية، قام دياب بزيارة مفاجئة للقصر الجمهوري صباح اليوم، حيث استقبله رئيس الجمهورية ميشال عون على مدى ساعة ونصف الساعة، وبحث معه في ارقام الخسائر المالية كما هي مقدرة في خطة الحكومة وكما قدرتها لجنة تقصي الحقائق النيابية. واكتفى دياب بالقول إن الاجتماع جاء في اطار التنسيق في ما يتعلق بمسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي وفق خطة التعافي التي اقرها مجلس الوزراء... وبحسب معلومات صحافية، فإن اجتماع عون - دياب جاء بعد لقاء رئيس الحكومة مع الرئيس نبيه بري الذي يتبنى مقاربة المجلس النيابي المتوافق عليها مع مصرف لبنان والمصارف ليحسم هذا الاجتماع التناقض بين المقاربتين منعا لاضعاف موقف لبنان التفاوضي. وأكدت المعلومات أن هناك اجتماعات ستُستأنف بين وفد صندوق النقد ووفد الحكومة اللبنانية مطلع الاسبوع وسيعقد اجتماع بين صندوق النقد ولجنة تقصي الحقائق النيابية.
لمصلحة من؟: وسط هذه الاجواء، سأل النائب جبران باسيل: لمصلحة من نريد إسقاط خيار صندوق النقد؟ لمصلحة أصحاب المصالح الذين استفادوا على حساب مصلحة الدولة وانهار البلد بسبب استفاداتهم والآن لا يقبلون أن هناك خسائر كبيرة لأنّها ستأخذ من استفاداتهم وأرباحهم؟ واضاف "خسارتنا من اليوم لخيار صندوق النقد هي خسارة لورقة أو لإحدى أهم الخيارات التي يملكها لبنان، فلماذا الخسارة منذ الآن؟ وتابع "الخلاف على الأرقام يجعل لبنان منقسماً في مفاوضاته فيما تحديد الخسائر عمل حكومي وعلى شركات التدقيق المكلّفة القيام بها، وعلى صندوق النقد القبول بها لنجاح التفاوض ويعود لمجلس النواب القبول بها أو لا عندما تطلب الحكومة مصادقته على الخطة أو عندما تطلب إقراره لقوانين من ضمنها". من جهة ثانية، سأل "لماذا يعمل بعض الغرب وبعض حلفاء الغرب في الداخل على إجبارنا على إدارة وجهنا حصراً باتجاه الشرق؟ هل يعرفون نتائج ذلك ويتحملون المسؤولية؟ لا أتكلّم عن حياد بل عن انفتاح وعن ابتعاد عن مشاكل الخارج، فلماذا تأتون بها إلينا؟ قلتم لنا ابتعدوا عن أزمة سوريا وأدخلتم عنصر النازحين الى داخلنا كعنصر دائم مزروع في داخلنا ومهدّد للبناننا والآن تأتون لنا بعنصر جديد إسمه "قيصر"... وكما كان دياب قال منذ ايام، اعتبر باسيل أن "البلد يمر من قطوع الى قطوع، وآخر قطوع محاولة إسقاط الحكومة، في سياق المؤامرة الاقتصادية التي يتعرض لها لبنان وكنا توقعنا حصولها وسميناها 13 تشرين اقتصادية". واذ اكد "ما بدّي أعمل رئيس جمهورية بدنا نحارب الفساد"، قال "رفعنا أي غطاء سياسي عن أي موظف في ملف الفيول "وسكتنا وسكتنا" فيما غيرنا حمى وهرّب وتباهى "ورغم هيك عم يحاولوا يرموا التهمة علينا" وبعض الحراك يشارك معهم باتهامنا تحت عنوان "كلّهم يعني كلّهم".
فرنجية يرد: وتعليقا، رد رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية عبر "تويتر"، على باسيل من دون ان يسميه كاتبا: "لا يُلامُ الذّئب في عدوانه إِن يَكُ الرَّاعي عَدوَّ الغَنمِ". من جانبه، غرّد عضو اللقاء الديمقراطي النائب فيصل الصايغ على حسابه عبر "تويتر": "فيما يدعو رئيس الجمهورية إلى حوار في بعبدا سعياً إلى تعاون جميع القوى السياسية في إنقاذ البلد.. يطلّ رئيس تيّار العهد على الشاشات متهجمّاً على الجميع وموزّعاً الاتهامات يسرةً ويمنى لتطال الكل تقريباً! للصراحة ما فهمت السبب، هل هو التفافٌ على جدول اعمال اللقاء أو انزعاج من حصوله ورغبةً بنسفه"؟
القوات تدرس: وليس بعيدا، وفي وقت لم تتضح بعد خريطة المشاركين في اللقاء الوطني، حيث يعقد رؤساء الحكومات السابقون اجتماع الاثنين لتحديد الموقف مع ميل لعدم الحضور، ما يُفقد المبادرة الغطاء السني الميثاقي، بدت القوات هذه المرة مترددة ايضا حيال مسألة المشاركة. فقد قالت مصادرها لـ"المركزية" ان رئيس الحزب سمير جعجع ما زال يدرس مع القياديين في الحزب ومع اعضاء تكتل "الجمهورية القوية" مسألة المشاركة في لقاء بعبدا الحواري، ولكنها لفتت في الوقت نفسه الى جملة مسائل وأمور، لعلّ أبرزها يكمن في الآتي: ما هو جدول أعمال الاجتماع الحواري في 25 الجاري؟ فاجتماع بعبدا السابق في 6 أيار الماضي كان جدول أعماله واضحا ومحددا وهو خطة الحكومة الاقتصادية، وأما الاجتماع المقبل فكأنه اجتماع دردشة على فنجان قهوة. فإذا كان موضوع الاجتماع، العنوان الأمني فلا أحد يختلف مع أحد على ان يجب حفظ الامن في البلد، ويبقى على الحكم والحكومة ان يتخذا التدابير اللازمة لحفظ الامن، فليس مقبولا ولا معقولا ان تجلس السلطة بنصاب كامل وهي تتفرّج على بيروت تحترق الاسبوع الماضي من دون اتخاذ اي قرار لوقف المعتدين، وعلى رغم كل ما صدر من مواقف من رئيسي الجمهورية والحكومة عن محاسبة المعتدين لم نلمس شيئا من هذا القبيل، فلا محاسبة ولا من يحزنون. أما اذا كان الموضوع يتعلّق بالوضع العام في البلد فخريطة الطريق اصبحت واضحة وجلية، والقاصي والداني يعرف ان المطلوب هو الاصلاحات ومن ثم الاصلاحات ومن ثم الاصلاحات، فيما لم تنفِّذ الحكومة خطوة إصلاحية واحدة، بل على العكس سجِّلت خطوات عدة الى الوراء على غرار عرقلة التشكيلات القضائية والمحاصصة في التعيينات على رغم اقرار مجلس النواب آلية التعيينات. ورأت المصادر بان يتبين وكأن هذه الدعوة هي لإظهار ان العهد ينشط ويتحرك، فيما الشيء الذي يجب فعله وبامكانه فعله، لا يفعله.