بيان الحكومة الوزاري امـام امتـحان الثـقة المزدوجـــــة
"بلطجيــة" السـلطة يعتدون على المتظاهرين امام مجلس الجنوب
الحريري لعون: تذكّر محميات تيارك في الكهرباء والجمارك والقضاء
المركزية- مع انطلاق عجلة العمل الحكومي اثر انتهاء المراسم البروتوكولية، يشق البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب طريقه مبدئياً نحو اقرار يفترض ان يكون سريعاً ومستوفيا الشروط الداخلية والخارجية. لكنّ السؤال يطرح عما بعد، وعما يمكن ان تنجزه الحكومة الجديدة، وعن الملفات الموروثة من الحكومة السابقة، بل من الحكومات السابقة بعدما صارت تلك الملفات، وما يتفرع منها من مشكلات، مزمنة، فجرت ثورة 17 تشرين، وتكاد تتهدد بتفجير الاستقرار الامني.
البيان الوزاري: وفي وقت استمرت عمليات التسليم والتسلم بين الوزراء الجدد واسلافهم، رأس رئيس الحكومة قبل الظهر في السراي، الاجتماع الاول للجنة صياغة البيان الوزاري في حضور اعضاء اللجنة، وشدد في المناسبة على وضع خريطة عمل للحكومة من خلال البيان الوزاري الذي يجب ان يبتعد عن الجمل الإنشائية والمطولات والتعقيدات اللغوية والتفسيرات المتناقضة وان يعتمد الحقائق والوقائع.
لا وعود فضفاضة: وبعد الاجتماع الذي استؤنف بعد الظهر، تحدثت وزيرة الاعلام عبد الصمد فأوضحت ان دياب اشار الى ان "الناس ينتظرون منا عملا، لذلك يجب ألا يتضمن البيان وعودا فضفاضة وألا نوحي للبنانيين ان الوضع بألف خير". وتابع: يجب ان نعتمد الحقائق والوقائع في البيان وان نلتزم بما نستطيع تنفيذه فقط، حتى لا يكون حبرا على ورق. وشدد على وضع جدول زمني لبرنامج عمل الحكومة، متمنيا على الوزراء ان يدرسوا ملفات وزاراتهم وان يحددوا الملفات التي يمكن انجازها بشفافية، وذلك بناء على الواقع وعلى مطالب اللبنانيين والحراك الشعبي، وانتهاج سياسة شاملة ومتوازنة مناطقيا وقطاعيا. ولفت الرئيس دياب الى ان الناس اعتادت سماع الوعود التي تبقى من دون تنفيذ على الرغم من الوقت والجهد الذي تبذله الحكومات لانجاز صياغة البيان الوزاري. وختم: نحن امام امتحان اكتساب الثقة الداخلية والخارجية، وبأن البيان سينفذ هذه المرة وان هناك جدية في العمل". وردا على الاسئلة قالت اننا "نعمل بسرعة كبيرة، ومن دون تسرع، في دراسة المواضيع واعداد البيان، وبالتالي لا نعد أياما أو ساعات فنحن نعد الدقائق للانتهاء من اعداد البيان في أسرع وقت ممكن، لأن الظروف الخارجية والداخلية ضاغطة والازمة تتفاقم ونحن نعمل ليلا نهارا حتى نستطيع انجازه".
الاصلاحات: الى ذلك، أكد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، في تصريح من السراي بعد لقائه دياب، أنه لمس "جدية وإشارات ايجابية من رئيس الحكومة والمهم أن نرى تنفيذا للوعود بالإصلاحات وإعتماد الشفافية حتى أقصى الحدود"، مبينا أن "ما ينتظره المجتمع الدولي من الحكومة هو الإصلاحات ومجابهة الفساد فعليا والاستماع الى مطالب الناس في الشارع". كما استقبل دياب قائد الجيش العماد جوزيف عون.
مجلس الجنوب: وسط هذه الاجواء، وفي وقت يعدّ الثوار العدة لتحركات الويك أند من جهة وجلسات الثقة في البرلمان من جهة ثانية، نفّذ ناشطون اليوم مسيرة تحت عنوان "جولة لكشف حساب على مزاريب الهدر"، تضمنت 3 محطات: مجلس الجنوب، مجلس الانماء والاعمار، وصندوق المهجرين. وقد حصل إشكال أمام مجلس الجنوب حيث تعرّض المتظاهرون للضرب على يد عناصر حزبيين، قال المتظاهرون انهم من حركة امل محملين الرئيس نبيه بري مسؤولية ما جرى. وإذ ناشدوا الجيش والقوى الأمنية التدخل، وصل عناصر الجيش لاحقا الى المحلة لفض الاشكال. وبحسب شهود عيان وقع أكثر من 15 جريحاً من المتظاهرين في الجناح بعد أن اعتدى عليهم بالضرب بالعصي شبان حزبيون.
فهمي يدين: وتعقيبا، دان وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي الاسلوب الهمجي الذي تعرض له معتصمون ومتظاهرون سلميون بينهم سيدات وهم في طريقهم ظهر اليوم الى الاعتصام امام مجلس الجنوب. وأكد ان الاجهزة الامنية المختصة لن تتوانى في ملاحقة المعتدين وتحديد هوياتهم، وباشرت على الفور التحقيقات اللازمة لمعرفة خلفية وأهداف الاعتداء على المتظاهرين والمعتصمين واحالتهم الى القضاء المختص لاتخاذ المقتضى القانوني.
وامل توضح: من جانبها، أوضحت مصادر حركة أمل للـLBCI أن "ما حصل في الجناح أمام مجلس الجنوب ردة فعل من قبل أهالي المنطقة نتيجة الأوضاع الاجتماعية والسياسية الضاغطة، ومن دون أي قرار حزبي، وبسبب التحريض الذي حصل في الساحات". واعتبرت المصادر أنه "لو نُسّق الأمر مسبقاً مع القوى الأمنية والحركة لما حصل أي إشكال".
عون ووزير الداخلية: وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال استقبل الوزير فهمي واجرى معه جولة افق تناولت التطورات الامنية في البلاد. وقال فهمي "اطلعت الرئيس عون على التوجيهات العامة التي اعطيت للأجهزة الامنية في ما خص تعاطيها مع المتظاهرين السلميين وضرورة توفير الحماية لهم، ومنع المندسين من القيام بأعمال شغب في اماكن التظاهر سواء في بيروت او في المناطق اللبنانية الاخرى. واكدت ان قوى الامن الداخلي تقوم بواجباتها وفق الاصول المحددة بالقوانين، وسوف تحمي الاملاك العامة والخاصة ولن تعتدي على احد، وسوف تؤمن حماية المواطنين في الوقت نفسه مع حماية حرية التعبير وحقوق الانسان المكفولة بالدستور. وعرضت خطة عمل آملاً ان تساعد في تحقيق الاهداف التي يتطلع اليها اللبنانيون حيال المؤسسات الامنية، ولاسيما تلك التي تخضع لسلطة وزير الداخلية". ورداً على سؤال، اكد فهمي ان ما من احد معصوم عن الخطأ ولكن لا يجوز التحامل على القوى الامنية في وقت تأتي الاخطاء من الغير ايضا، علما ان اي تجاوز للقوانين يخضع للمساءلة في الاجهزة الامنية المعنية، لكن من غير المنصف عدم رؤية الا الاخطاء وتجاهل الايجابيات وما تقوم به القوى الامنية من جهد، على رغم الامكانات المحدودة المتوافرة لديها.
لماذا لم يتدخل الجيش؟ وليس بعيدا، شغل حديث وزيرة الداخلية والبلديات السابقة ريا الحسن الرأي العام عموما والاوساط العسكرية والامنية خصوصا، بعدما كشفت ان قائد الجيش العماد جوزيف عون لم يتجاوب معها حين هاتفته طالبة المؤازرة يوم الاعتداءات التي طاولت مصرف لبنان والمحال في الحمرا. وفي هذا الإطار، علمت "المركزية" من مصادر معنية ان منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية، تم الاتفاق على تقسيم المناطق وتوزيع المهام بحسب التقسيم، وبالتالي فإن المنطقة الممتدة من السراي الحكومي مرورا بساحتي النجمة والشهداء وصولا الى الرينغ، هي من صلاحيات قوى الامن الداخلي، وهذا يعني ان الجيش ليس مسؤولا بشكل مباشر هناك، مشيرا الى ان عند اتصال الحسن بقائد الجيش كان الرد انه غير قادر على ذلك، بما ان الاحتجاجات يومها كانت تعم لبنان ومن غير الممكن سحب قواه من مناطق أخرى. وفي اليوم التالي، عندما غابت الاحتجاجات نزل الجيش الى وسط بيروت وآزر قوى الامن الداخلي.
الحريري يرد: وسط هذه الاجواء، نقل زوار الرئيس سعد الحريري تعليقاً على الكلام المنسوب لرئيس الجمهورية ميشال عون في جريدة "الشرق الأوسط ": ان الرئيس الحريري لا يوزع الحصانات على أحد ولا يرضى ان يكون متراساً لأي اعتداء على المال العام . وقد كان حرياً برئيس الجمهورية أن يتذكر المحميات التي تخصّه وتخصّ تياره السياسي، محميات الكهرباء والجمارك والفساد في القضاء وسواها.
وزني والدولار: في المقلب المالي، اوضح وزير المال غازي وزني لـ"المركزية" ان كلامه عن استحالة عودة سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه سابقاً، يرتبط بالفترة الراهنة وليس بالمستقبل.
التحويلات : وفي السياق، وبعيد انتهاء المهلة الممنوحة من لجنة الرقابة على المصارف لكل المصارف اللبنانية لايداعها مجموعة تحويلات زبائنها الى مصارف سويسرا من 17 تشرين الاول الماضي حتى 14 الجاري، قال رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ"المركزية": ان لائحة أسماء محوّلي أموالهم من المصارف اللبنانية إلى الخارج، في طور التحضير على أن تُنجَز الأسبوع المقبل.
اصحاب المحطات: معيشيا، أرجأت نقابة اصحاب المحطات دعوة الجمعية العمومية التي كانت مقرّرة اليوم أياماً قليلة، إفساحاً في المجال للقاء رئيس الوزراء حسان دياب ووزير الطاقة والمياه الجديد ريمون غجر، علّهم يتوصّلون إلى حلّ من دون المواجهة مع الحكومة الجديدة منذ اليوم الاول.