ذهنية ما قبل 17 تشرين تحكم التأليف..السلطة تحاول إنتاج الحكومة نفسها!
دياب يسوّق طرحا وزاريا وسطيا.. فهل يُرضي بعبدا و"الثنائي" والثوار؟
القوات والمستقبل "يقاطعان" الرئيس المكلف...جعجع: مهمة المسؤول وقف "التراكمات"
المركزية- فيما تشتد وطأة الازمة الاقتصادية على اللبنانيين يوما بعد يوم، فترتفع اسعار بعض السلع ويُفقد بعضها الآخر من رفوف المحال التجارية، وفي حين تزيد المصارف تدريجيا من نسبة "التقنين" التي تفرضها على سحوباتهم المالية، لا يبدو ان اهل الحكم واعون لحقيقة المعاناة "على الارض" او أقلّه لحجمها الفعلي ووقعها على يوميات المواطنين الذين "انكسر ظهرهم" بعد ان حُكم عليهم بخسارة وظائفهم او فقدان نصف راتبهم مع تآكل مخيف لقدرتهم الشرائية. نقول ذلك، لان المعلومات الكثيرة المتوافرة من غرفة عمليات استيلاد الحكومة المنتظرة، تدل الى ان "الأطباء" المعنيين لا زالوا يتعاطون مع ملف التأليف وفق الذهنية "التجارية" "المحاصصتية" نفسها التي أوصلت البلاد الى الكارثة وفجّرت غضب 17 تشرين.
بين التمنيات والواقع: والحال ان رئاسة الجمهورية كانت وعدت بتشكيلٍ سريع ينتهي قبل نهاية العام الجاري، غير ان كلام الرئيس ميشال عون من بكركي في هذا الشأن، يبدو كان من باب "التمنيات"، لا أكثر. فواقعيا، ولدى فتح اوراق التأليف على الطاولة، بدأت الشياطين الكامنة في التفاصيل، تظهر. الرئيس المكلف حسان دياب يريد حكومة اختصاصيين مصغرة، أما مَن أوصلوه الى ابواب السراي، وأبرزهم التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي، فيريدونها من اختصاصيين – سياسيين في الوقت نفسه، ولا يحبّذون فكرة تضييقها بل يفضّلون توسيعها لاشراك الاحزاب الحليفة كلها فيها. أضف الى ذلك، ان الاطراف هذه، تعمل على ما يبدو لاستنساخ الحكومة الحالية مع بعض الروتشات الطفيفة. فمَن يمسك اليوم مثلا بالمالية والصحة والاشغال والطاقة يسعى الى ابقائها من حصته في التركيبة الجديدة، ومع الوزراء أنفسهم اذا استطاع. وامام هذه المعطيات، يبدو الرئيس المكلف امام خيارين احلاهما مرّ: فاذا قدم للقوى السياسية ما تريد، ثارت ثائرة الانتفاضة الشعبية من جديد كون مطلبها واضحا "حكومة اختصاصيين مستقلين حياديين". وإذا لم يقدّم لعرّابيه ما يطلبون، بات نجاحه في تأليف الحكومة ودخوله السراي، امرا مستحيلا. وفي وقت يعتبر مقربون من فريق 8 آذار ان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري يحاول عرقلة دياب بدفعه نحو مقاطعة سنية شبه تامة لحكومته، يسأل البعض عما اذا كانت الشروط التي يضعها "أهل بيت" دياب، عليه، لن تقود الى النتيجة عينها، فتكبّل الرئيس المكلف وتمنعه من التشكيل، لتدفعه عاجلا ام آجلا، الى الاعتذار؟
تقدم ولكن: في الاثناء، أفيد ان حركة دياب حققت بعض التقدم لكن التشكيل مستبعد قبل رأس السنة، وان الاخير قدم طرحا وسطيا يقوم على ان يكون الوزراء من الحزبيين غير النافرين او قريبين من الاحزاب. وعلم ان تم الاتفاق على دمج 4 وزارات، وان دياب لا يريد وزراء من الحكومة السابقة الا ان هذا الامر لم يتم حسمه بشكل نهائي. على اي حال، تشير مصادر متابعة لـ"المركزية" الى ان الساعات المقبلة سترسم المسار الذي سيسلكه التأليف. فدياب سيلتقي مجددا الرئيس عون والوزير جبران باسيل والخليلين، اضافة الى القوى السياسية الاخرى ممن سموه لرئاسة الحكومة أو لم يفعلوا. فاذا خففوا من سقف مطالبهم، كان به (وتبقى معرفة موقف الثوار من طرحه الوسطي هذا) أما اذا بقوا على أسلوب التعاطي نفسه متناسين عامل الانتفاضة الذي بات الرقم الأصعب في المعادلة الداخلية، فالخشية كبيرة من ان يفشل دياب ويسقط لبنان في المحظور اقتصاديا وماليا.. ومعه يسقط العهد.
الغطاء السياسي: في الانتظار، جدد رئيس مجلس النواب نبيه بري موقفه الداعي الى توزير حزبيين من ذوي الاختصاص ولم يمانع عدم اشراك الجميع في الحكومة، "على غرار ما يجري في فرنسا والولايات المتحدة". وتناغم كلامه هذا مع حزب الله حيث أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله "اننا لا نريد تحديد أوقات، فعملية التشكيل منوطة بالرئيس المكلف ورئيس الجمهورية وتحتاج إلى توفير أغلبية نيابية، والرئيس المكلف هو من يجري نقاشات مع الكتل للوصول إلى توافقات"، مضيفا "نحن في حزب الله نحاول قدر الإمكان أن نساعد وأن يكون هناك مناخ معقول لتولد الحكومة وتبدأ العمل وكل ما تحتاجه هذه الولادة من مساعدة وتسهيل وتعاون بيننا وبين الرئيس المكلف وحلفائنا، نقوم به"، وسأل "لماذا الاستعجال في إطلاق الأحكام المسبقة على الحكومة التي لم تنجز بعد. بدأنا نرى محاولات التعطيل والعرقلة وإطلاق النار السياسي، فإذا لم تشكل حكومة هناك صعوبة للحل اليوم". وتابع "قلنا للجميع تعالوا إلى التعاون لتشكيل حكومة تنقذ البلد، فالمرحلة ليست مرحلة نكد أو زعل أو تصفية حسابات سياسية ولا تحقيق مكتسبات ولا إثارة الناس ضد بعضهم البعض".
مقاطعة المستقبل والقوات: في المقابل، يبدو ان الكتل السياسية التي لم تسمّ دياب، ماضية في مقاطعته. ففيما يحكى عن اتصالات ينوي الرئيس المكلف اجراءها معها، أوضح عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل" النائب السابق مصطفى علوش لـ"المركزية" أن "حتى لو كان هناك طلب للتواصل مع تيار المستقبل، وهو ما لم يحصل حتّى الساعة، فلن يؤدي ذلك إلى تغييرات ملحوظة، إذ إن موقفه الرسمي من عدم مشاركته في الحكومة المقبلة واضح ولن يتبدّل"، مضيفاً "الرئيس المكلّف ليس مضطراً للتواصل معنا، فليتشاور مع الأفرقاء الذين كلّفوه ليعرف كيف سيتصرّف على صعيد التأليف الحكومي". اما عضو كتلة الجمهورية القوية وهبي قاطيشا فقال لـ"المركزية": التشاور معنا غير وارد، لأننا نرفض قبل كل شيء المشاركة في الحكومة، وأعلنّا أننا نريد ان نترك المستقلين يشكلون الحكومة، مضيفاً: "إذا كانوا يختلفون على الحصص والنوعية بين بعضهم فكيف سيتشاورون معنا. حتى لو سألونا رأينا نرفض اعطاءه لأنهم مسؤولون وهم من عليهم تشكيل الحكومة".
جعجع: من جهته، أكّد رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع، غامزا من قناة الفريق الرئاسي، أن "ليس جيداً أن يقوم مسؤولون كبار بذرّ الرماد في عيون الناس، حيث أن هناك من يدّعي أنه ليس مسؤولاً عما آلت إليه الأوضاع معتبراً أنها نتيجة تراكم لعشرات السنوات"، مشيراً إلى أنه "صحيح أن هذا الواقع هو نتيجة تراكم إلا أن السؤال هو: أو ليس مهمّة المسؤول الذي يأتي إلى السلطة أن يوقف التراكمات ويجد حلاً لها لكي ينجّي البلاد من نتائجها؟ وإن كانت الأمور مجرّد تراكمات فلماذا نجري الإنتخابات لنأتي بنواب ووزراء ورؤساء جمهوريّة؟ هذا الكلام الذي يطلقه البعض يعني أنه ما باليد حيلة ولا يمكننا القيام بأي شيء، إلا أن الحقيقة عكس ذلك تماماً، والأسوأ من كل هذا أن ما حصل في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة يمكن اعتباره أسوأ مرحلة في التراكمات. وخلال العشاء الميلادي السنوي الذي أقامته مصلحة المهندسين في حزب "القوّات اللبنانيّة" على شرف المهندسين المغتربين في معراب، رأى "ان الخطوة الأولى التي يجب أن نقوم بها هي إعادة الثقة التي لا يمكن أن تتم عبر إعادة القوى ذاتها ولو مقنّعة إلى الحكومة لأن هذا يعني أننا نراوح مكاننا والوضع سيزداد تدهوراً، وبالتالي علينا الإتيان بأشخاص مستقلين كي لا يقوم أي أحد بإجراء تماه بينهم وبين القوى السياسيّة التي كانت موجودة لأنه في هذه الحال ستُفقد الثقة بشكل فوري".
ظريف: اقليميا، أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم أن بلاده مستعدة للالتزام بتأمين الممرات البحرية الحيوية في المنطقة وحمايتها، خلال إقامة المناورات العسكرية المشتركة لبلاده مع روسيا والصين في المحيط الهندي وخليج عُمان. وغرد ظريف "لطالما أبدت إيران استعدادها للعمل مع جيراننا لتأمين الخليج (تحالف الأمل للسلام) على الطاولة الآن". وأضاف "تدريباتنا العسكرية المشتركة في بحر عمان/المحيط الهندي مع شركائنا الروس والصينيين توضح التزامنا الأوسع بتأمين المجاري المائية الحيوية".