فيضان شعبي في الساحات في يوم الاحتجاجات الثالث
سلة قرارات انقاذية في السراي تنتظر موافقة القوى السياسية
نصرالله: الحكومة مستمرة "وما فيكن تسقطوا العهد"
المركزية- "الى من يريون اسقاط العهد... ما فيكن"، الحكومة باقية ولا احد قادرا على تغيير المعادلة. بالمختصر المفيد، هذه رسالة الحسم، وجهها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للشعب اللبناني المنتفض لليوم الثالث تواليا ضد السلطة الحاكمة وممارساتها، ونصرالله جزء اساسي فيها، بعد رسالتي رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل امس. قالها نصرالله بالفم الملآن، حذر وتوعد وهدد المحتجين بلغة غلّفها بطابع النصح فيما مضمونها واحد "حراككم مهما بلغ سقفه لن يهزنا".
لكنّ ما اغفله اهل السلطة اجمعين، ان صرخة الناس التي طفح كيلها ولم تعد قادرة على تحمل المزيد من معالجاتهم غير المجدية لن تتوقف والساحات ستضيق بهم وكل الاوراق لن تعيدهم الى بيوتهم، اذا لم تنجز خطة انقاذية جدية سريعة تحاكي تطلعاتهم نحو دولة اقل ما قد تؤمنه لهم لقمة عيش كريمة يطمح اليها من بقي في لبنان لعدم امتلاكه ثمن تذكرة سفر تقله الى الخارج الذي تضامن لبنانيوه المنتشرون في مختلف الدول مع اشقائهم في الوطن بتظاهرات دعم من حيث هم.
ورقة الحريري: ساعات الرئيس سعد الحريري ال72 تقلّصت الى 48 يسابق فيها قرارا وعد باتخاذه فيما لو... كل محركاته دارت بأقصى سرعة تجنبا لكأس مرة يتحاشى تجرعها، فتح خطوط اتصالاته مع القوى السياسية للتشاور مع مختلف القوى بشأن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسبل الممكنة لمعالجتها، فالتقى على التوالي، حتى الساعة، كلا من وزير الصناعة وائل أبو فاعور، وزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس ووزير المال علي حسن خليل، النائب نقولا صحناوي يرافقه الخبير الاقتصادي شربل قرداحي في حضور الوزير السابق غطاس خوري. وافادت المعلومات ان الحريري ينتظر رد كل الافرقاء السياسيين على ورقته المتضمنة سلة قرارات انقاذية مطلوب القبول بها كما هي، على أن تعقد الليلة أو يوم غد كأبعد تقدير جلسة لمجلس الوزراء لاقرار الموازنة بناءً على هذه الورقة. وتهدف المبادرة بحسب مصادر مقربة من الحريري الى: -استقرار الوضع وتعزيز الحماية الاجتماعية وتقديمات لذوي الدخل المحدود، خفض خدمة الدين وتصفير العجز وستكون مساهمة أساسية للقطاع المصرفي في هذا المجال العام المقبل، الغاء كل الضرائب والرسوم التي جرى الحديث عنها قبل التحركات الشعبية، اقتراحات للحد من الفساد في مختلف المجالات وادارات الدولة، تأمين الكهرباء في العام المقبل وتسريع تنفيذ مشاريع "سيدر".
وفي الموازاة افادت مصادر مطلعة ان الى جانب اللقاءات المعلنة يجري الحريري اتصالات تبقى بعيدة من الاعلام تبحث في سبل الخروج من الازمة وطبيعة المرحلة التالية.
نصرالله... ما فيكن تسقطوا العهد: من جهته، أكد الأمين العام لحزب الله أننا "لا نؤيد استقالة الحكومة الحالية وترف تشكيل حكومة جديدة غير موجود"، لافتاً الى أننا "مع استمرار الحكومة لكن بروح جديدة واخذ العبرة مما جرى في اليومين الماضيين، معتبرا ان حكومة التكنوقراط لن تصمد اسبوعين"، ومؤكدا ان اسقاط العهد غير ممكن. نصرالله اطل في ختام مسيرة إحياء أربعينية الإمام الحسين في بعلبك على وقع استمرار الاحتجاجات الشعبية في الشارع، مؤكداً "ان على الجميع في لبنان ومن هم في السلطة وخارجها ان يتحمّلوا المسؤولية إزاء الوضع الخطير الذي يواجهه البلد"، مشيراً إلى ان "بعض القيادات والقوى السياسية في لبنان تتصرّف وتقف على التلّ وتتنصل من اية مسؤولية عن الماضي والحاضر وتُلقي التبعات على الآخرين".
وتابع "بعض من في السلطة تصوّر ان لا مشكلة بفرض الضرائب و"بتمرق"، إلا ان هناك من هو مصرّ على أن الاصلاحات تعني فرض ضرائب لكن هذه إجراءات تؤدي الى انفجار ومأزق حقيقي
ورأى ان "الوضع المالي والاقتصادي ليس وليد ثلاث سنوات او الحكومة الحالية او هذا العهد، بل انه تراكم سياسات ثلاثين سنة مرت، ولكن الأمر أمامنا، وعلى الجميع ان يتحمل المسؤولية بما فيها نحن مع تفاوت النسبة المئوية، وعلينا قبول المسؤولية. ومن يريد التنصل من المسؤولية معيب وبخاصة أولئك الذين كانوا في السلطة في العهود الماضية ويحاولون اليوم ركوب الموجة في اعتراض الناس". ورأى ان من يأخذا القرار في الحكومة هي القوى السياسية..حكومة التكنوقراط لا تستطيع ان تصمد اسبوعين والقوى السياسية التي تطالب حكومة التكنوقراط هي أول من سيطالب بإسقاطها... مستمرون بهذه الحكومة بروح جديدة. واكد "عدم تأييده استقالة الحكومة الحالية لان ذلك سيعني ان لا حكومة ستتشكل قريبا". ورأى "أن انتخابات نيابية جديدة ستقود الى المجلس النيابي نفسه لذلك يجب عدم اضاعة الوقت بهذه الطروحات. وتابع:"اذا نزل حزب الله الى الشارع لا يخرج قبل تحقيق مطالبه". وتوجه نصرالله بكلمة واضحة للقوى السياسية التي تريد الآن في هذا التوقيت السيئ والحساس ان تقود معركة اسقاط العهد قائلا: "عم تضيعوا وقتكن ووقت البلد والعهد ما فيكن تسقطوا العهد، لذلك لنرجع الى عقولنا ونتصرف بمسؤولية لامرارهذه المرحلة الصعبة". وتوقف أمام "خطرين كبيرين في البلد، الاول الانهيار المالي ونصبح عندئذ مثل اليونان، والثاني الانفجار الشعبي نتيجة المعالجات الخاطئة".
الشارع: اما في الشارع، فامتلآت ساحات وسط بيروت بالمتظاهرين من أمام السرايا الحكومية في رياض الصلح حتى ساحة الشهداء، مرورا بشارع اللعازرية وصولا حتى الشارع المؤدي الى بشارة الخوري. كما ملأ المتظاهرون الأبنية القديمة المجاورة، وحضرت دراجات نارية على متنها شبان لينضموا الى المتظاهرين رافعين شعار ضد العهد مرددين "كلن يعني كلن". وفيما استمرت التظاهرات في مختلف المناطق شمالا وجنوبا وبقاعا وفي مناطق جبل لبنان كافة، أطلق مسلحون النار على المتظاهرين في منطقة صور، ما ادى الى سقوط جرحى. وناشد الناس تدخل الأجهزة الأمنية بشكل مباشر لتوقيف هذه الانتهاكات الفاضحة التي تقمع المظاهرات الاحتجاجية المطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي واسقاط الحكومة. وشهدت المدينة اجواء متشنجة جدّاً اذ افيد ان مسلحين شاركوا في التظاهرة التي انطلقت دعماً لرئيس مجلس النواب بري في مواجهة المظاهرات الشعبية.
اطلاق الموقوفين: واليوم، اطلق سراح جميع المحتجزين الذين اوقفوا ليل امس من ثكنة الحلو بسندات اقامة، على خلفية اعمال الشغب في وسط العاصمة. وأعلنت وزيرة الداخلية ريا الحسن في تغريدة عبر تويتر انها اتصلت بالمدعي العام لدى محكمة التمييز الذي أبلغها أن معظم الذين تم احتجازهم سيتم إخلاء سبيلهم بسند إقامة، بعد استكمال التحقيقات للتثبت من مدى توافر الأدلة المادية حول إقدامهم عمدا على ارتكاب أعمال شغب وسرقة محال وحرق الممتلكات العامة والخاص.
الى تدهور؟ في المقلب الاقتصادي، ووسط الشلل الذي ضرب البلاد بفعل موجة التظاهرات، افادت المعلومات أن أجواء إجتماعات الوفد اللبناني مع البنك الدولي تشير الى أنّ الامور ليست جيّدة والوضع الاقتصادي الى تدهور.
****