الهدنة تدخل حيز التنفيذ...النازحون يعودون واحتفالات مُسلحة بري: لحظة امتحان للشيعة وانتخاب رئيس...ميقاتي: مرحلة جديدة الجيش ينتشر جنوب الليطاني...جعجع: لا عودة الى ما قبل 7 تشرين
المركزية- وفق المقترح الأميركي، وبتعديلات راعت مطالب الجانبين،أبصر اتفاق هدنة الستين يوما بين اسرائيل وحزب الله النور، وحققت إدارة الرئيس جو بايدن إنجازاً ،ولو جزئياً، قبل مغادرته البيت الابيض في كانون الثاني المقبل وتسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة.
بعيدا من سرديات النصر الالهي، وادعاءات هزم العدو والمكابرة الهادفة الى قلب حقيقة ما حل بلبنان بفعل اقحامه في خيار اتخذه حزب الله ودفع ثمنه موتا ودما وتهجيرا ودمارا وخلف كارثة انسانية واقتصادية ستترك ندوبا عميقة في المشهد التنموي والاجتماعي، فإن الاتفاق لم يمنح الانتصار لأي طرف لا بل ان طرفاً واحدا مُني بخسائر جسيمة هو حزب الله على مستوى اغتيال هيكليته القيادية في شكل خاص.
واذا كانت احتفالات النصر التي اقامها مناصرو الحزب وفرحة اهالي الضاحية والجنوب بالعودة الى قراهم ومنازلهم طبيعية استنادا الى مفهومهم للنصر، فإن غير الطبيعي هو كمّ الرصاص الابتهاجي الذي اطلق ابان العودة واصاب بعضه شبانا نقلوا الى المستشفيات، في ظل تساؤلات عن كلفة ما يناهز 4000 الاف قتيل و16 الف جريح والاف المنازل المهدمة والاقتصاد المدمر ، وما اذا كانت شروط اتفاق الهدنة تستأهل الاحتفال ام مراجعة الحسابات. وما كلمتا الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي بما تضمنتا من اشارات بالغة الدلالات الا عبرة للاعتبار منها.
زحمة: مع دخول قرار وقف النار حيز التنفيذ عند الرابعة فجرا، ازدحمت الساحة المحلية بالمواقف السياسية والخارجية المرحّبة، ومثلها الطرقات التي ازدحمت بسيارات العائدين الى ديارهم او الى ما بقي من منازلهم، كما سماءُ الضاحية الجنوبية بالرصاص ابتهاجا "بالنصر"، في وقت اجتمعت الحكومة لـ"تصادق" مجتمعة على قرار وقف النار.
مجلس الوزراء: في السياق، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في كلمة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، أن "اليوم نبدأ مرحلة تعزيز حضور الجيش في الجنوب، اليوم نبدأ مسيرة إعادة إعمار ما تهدم"، مشيراً إلى أن "الحكومة ملتزمة بتحقيق الاستقرار على الخط الأزرق". وتابع "اليوم نعيش لحظات استثنائية، والمسؤولية كبرى علينا جميعا، وعلى الجميع التكاتف للإصلاح وبناء الدولة وإعادة ثقة العالم بنا". ولفت إلى أننا "ملتزمون بتطبيق القرار 1701 وتعزيز حضور الجيش في جنوب لبنان"، مطالبا "إسرائيل بالانسحاب من كل المناطق التي احتلتها". ورأس ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء قبل الظهر في السرايا ، ووزع على الوزراء نسخة عن اتفاق وقف إطلاق النار على الوزراء لمناقشته. وصدر محضر جلسة مجلس الوزراء، وتم التشديد على الالتزام بتنفيذ القرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة والالتزامات ذات الصلة.
تعزيز الانتشار: وكان ميقاتي استقبل قائد الجيش العماد جوزيف عون قبيل انعقاد جلسة مجلس الوزراء في السراي واطلع منه على الوضع الامني وخطة تعزيز انتشار الجيش في الجنوب.
سليم: ليس بعيدا، أكد وزير الدفاع موريس سليم أن عدد قوات الجيش اللبناني المنتشرة في الجنوب سيرتفع إلى 10 آلاف عسكري، وشدد على التزام لبنان بالقرارات الدولية. وتحدث عن خطة لتدريب وحدات تشمل بعددها الأقصى الحالي 6 آلاف عسكري إضافي، وكل دفعة تشمل 1500 عسكري، ويستغرق التدريب 3 أشهر، وبعدها يتم توزيعهم على وحدات الجيش، مما يرفع عددها إلى 10 آلاف، سيكون عملهم مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان، مثلما كان في السابق.و شدد سليم على أن الجيش اللبناني "يلتزم دائما بما تنص عليه القرارات الدولية في هذا الإطار، وكان لبنان دائما داعما وملتزما بالقرارات الدولية"، مؤكدا أن "سيادة لبنان تتمثل في وصول جيشه إلى الحدود الدولية".
مع الدولة ولكن!: من جهته، قال وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم"حق الدفاع عن النفس مشروع للبنان ولإسرائيل وإذا تحرّك نتنياهو فنحن سنردّ والمقاومة هي ردّة فعل على الاحتلال"... الى ذلك، نقلت أ. ف. ب عن النائب عن حزب الله حسن فضل الله قوله: تعاون كامل مع الدولة اللبنانية ومع الجيش لتعزيز انتشاره في جنوب لبنان. واردف: نحن مقاومة سرية ولا سلاح ظاهرا أو قواعد لنا في جنوب لبنان ولا أحد يستطيع إخراج أبناء الحزب من قراهم جنوب الليطاني. وقال في حديث تلفزيوني: لنا حق الدفاع عن النفس إذا اعتدى علينا وبلدنا "مش سايب و2 كلم ما قدر العدو يحتلّ.
استفتاء شعبي: ايضا، اعتبر نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي، خلال مؤتمر صحفي من الضاحية الجنوبية لبيروت أننا "حققنا الإنتصار اليوم بعد شهرين من الجهاد المتواصل والصمود والإرادة والعدو لم يحقق أي هدف من أهدافه". وشدد على أن "صمود المقاومة في الجنوب أفشل العدو وأفشل العدوان على الشرق الأوسط أيضاً"، لافتاً إلى أن "ما جرى اليوم هو انتصار للأمن القومي العربي". وأشار إلى "أننا نحضّر لتشييع الشهيدين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين الذي سيكون استفتاء شعبيا وسياسيا لتبني نهج المقاومة". وقال قماطي "نمد أيدينا الى شركائنا في الوطن لنبني لبنان أجمل مما كان".
المملكة وايران: في المواقف الدولية، قالت الخارجية السعودية: نأمل في تنفيذ القرار 1701 وحفظ سيادة وأمن واستقرار لبنان، وامل وزير خارجية إيران "أن يصمد اتفاق وقف النار في لبنان ويصبح دائمًا".
لحظة امتحان ورئاسة: وسط هذه الاجواء، وفي وقت يعود المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت اليوم لاجراء محادثات حول حل الازمة السياسية الرئاسية، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، في كلمة ألقاها في أعقاب إعلان وقف اطلاق النار "ان لبنان تمكّن من إحباط مفاعيل الإعتداء الإسرائيلي والبدء بمرحلة جديدة بعد الاتفاق. وقال انها لحظة الحقيقة وليست لمحاكمة مرحلة ولا للقفز فوق الجراح ولا للرقص عليها . هذه لحظة امتحان لكل اللبنانيين وللشيعي قبل اي لبناني اخر.ولا بد في هذه اللحظة من الاسراع في انتخاب رئيس جمهورية يجمع ولا يفرق ولا يشكل تحديا لأحد"، مشيرا الى أن "شعبنا تمكن من إبطال مفاعيل العدوان الإسرائيلي الذي توقفت اليوم كرة ناره لندخل في مرحلة جديدة". وتوجه “بالشكر إلى البيئة الحاضنة للنازحين لتجسد وجه بلحمته وتضامنه والذي كان بلدنا بأمس الحاجة إليه”، مؤكدا ان "هذه المرحلة كانت الأخطر على لبنان الذي هدده العدوان بكل مقوماته وحانت لحظة الحقيقة لوحدة لبنان"، مشيرا إلى أن "الدماء الغالية جداً التي سالت تستدعي حفظ لبنان واحداً قادراً على الخروج أكثر ثباتاً ومنعة ووحدة". كما دعا "كل أهلنا النازحين الذين قاوموا المخرز صموداً في كل مناطقنا والدول الشقيقة التي استضافتهم إلى العودة”، مضيفا: "عودوا إلى مناطقكم وأرضكم "وديعة الشهداء" التي انغرست قاماتها فيها فأينعت نصراً ليعود المجد إليها".
لا عودة: على ضفة المعارضة، عرض رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع، في المقر العام للحزب في معراب، مع سفيرة السويد الجديدة في لبنان جيسيكا سفاردستروم للتطوّرات السياسيّة والأمنية على الساحة اللبنانية، لا سيما بالنسبة لوقف إطلاق النار في الجنوب والتطبيق الجدّي للقرارات الدولية ١٧٠١، ١٥٥٩، و١٦٨٠. وأشار جعجع إلى أن لا عودة الى الوضع الذي كان سائداً في لبنان قبل السابع من تشرين الاول ٢٠٢٣. و"لن نقبل بأي تسوية أو مساومة مع السلاح غير الشرعي بعد كل ما أدت اليه استراتيجية حزب الله الخاطئة من دمار وموت وتهجير وخراب على البلد".
العودة الى الدولة: ومن بكركي التي زارها وفد اللقاء الديموقراطي برئاسة النائب تيمور جنبلاط قال النائب هادي ابو الحسن "في ظل الوفاق الحاصل وتطبيق الطائف ودور الجيش والـ 1701 وانتخاب رئيس توافقي، نحن لا ننتظر الا الخير، واليوم هناك وعي أكثر عند الشعب اللبناني الذي احتضن أهلنا من الجنوب والضاحية والبقاع".وعن رسالته لـ "حزب الله"، قال: "ان حزب الله بما يمثّل هو مكوّن لبناني، والعودة الى كنف الدولة اللبنانية هو انتصار لنا جميعًا، والداخل اللبناني يتّسع للجميع". أما عن دعوة الرئيس نبيه بري لجلسة لانتخاب رئيس توافقي للجمهورية، وهويّة هذا الرئيس، فقال أبو الحسن: "سمعنا من الرئيس بري أنه عند وقف إطلاق النار سيدعو الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية في مهلة قريبة، وهذا أمر يُبنى عليه، وعسى أن نوفّق في هذا الامر في القريب العاجل، شرط أن نتوقف عن الشروط والشروط المضادة، وللنطلق من مبدأ ان لبنان هو الذي انتصر، ونذهب لانتخاب رئيس توافقي".
انتشار الجيش: اما الميدان فاختلف المشهد فيه اليوم ، وفي اعقاب جلسة مجلس الوزراء اعلنت قيادة الجيش ان " الجيش باشر تعزيز انتشاره في قطاع جنوب الليطاني وبسط سلطة الدولة بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - اليونيفيل، وذلك استنادًا إلى "التزام الحكومة اللبنانية تنفيذ القرار ١٧٠١ الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة والالتزامات ذات الصلة، ولا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني".في هذا السياق، تُجري الوحدات العسكرية المعنيّة عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني، حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها.
...والعودة: ومع غياب المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي ادرعي وانذاراته التي ملأت الساحة لا سيما يوم امس ،عاد النازحون الى الضاحية الجنوبية التي شهدت اطلاقا كثيفا للنار ابتهاجا بالعودة، والى البقاع لتفقد منازلهم وارزاقهم، وسط تحذيرات وجهها الجيش اللبناني لتفادي الاجسام الغربية غير المنفجرة. ايضا دعت قيادة الجيش "المواطنين العائدين إلى القرى والبلدات الحدودية في الجنوب، بخاصة في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون، إلى التجاوب مع توجيهات الوحدات العسكرية وعدم الاقتراب من المناطق التي توجد فيها قوات العدو الإسرائيلي، حفاظًا على سلامتهم، لا سيما وأنهم قد يتعرضون لإطلاق نار من القوات المعادية".وقطع الجيش الطرقات نحو القرى التي لا يزال الاسرائيلي موجودا فيها حماية لاهلها.
وافيد بعد الظهر ان القوات الاسرائيلية في بلدة الخيام اطلقت النار على مجموعة من الصحافيين خلال تغطيتهم عودة الأهالي والانسحاب الاسرائيلي من البلدة، مما ادى الى اصابة اثنين بجروح مختلفة، نقلوا إلى مستشفى حاصبيا لتلقي العلاج.وكان اهالي الخيام عادوا إلى منطقتهم، ليجدوا دبابة اسرائيلية ما زالت متمركزة على بعد أمتار فقط منهم. وأقدم الجيش الإسرائيلي على إطلاق رشقات رشاشة باتجاه بعض الأهالي الذين قدموا لتفقد منازلهم. كما عبرت ثلاث دبابات ميركافا بوابة فاطمة عند الجدار الفاصل في بلدة كفركلا متجهة نحو منطقة تل النحاس.