قراءة في ميزان الربح والخسارة.. هل يتعظ حزب الله ؟
شربل مخلوف
المركزية- قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية الشاملة على لبنان والتي سميت بسهام الشمال، كان حزب الله يتباهى بقدراته العسكرية حيث كان يعتبر ان بإمكانه الوصول الى الجليل بمدة 7 دقائق ونصف وتكبيدها خسائر كبيرة، متجاهلا آراء المعارضين الذين كانوا يطالبون بتطبيق القرار 1701 وحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة اللبنانية والجيش في حال حصول أي اعتداء من قبل الإسرائيليين، فالحزب تحت حجة عدم المس "بسلاح المقاومة" هاجم المعارضين وخونهم واعتبرهم عملاء لإسرائيل لأنهم طالبوا مرارا وتكرارا بنزع هذا السلاح وحصره فقط بيد الجيش اللبناني لأنه يمثل الشرعية الوحيدة التي يحق لها أن تملك السلاح لتدافع عن اللبنانيين ومنع حصول أي اشكالات بينهم بسبب السلاح المتفلت.
لكنّ ما تبين أن بعد انتهاء حرب تموز عام 2006 استخدم حزب الله سلاحه في عدة محطات ابرزها أحداث 7 أيار عام 2008 عندما قام باجتياح بيروت وقتل سكانها الذين حموا بيئته إبان حرب 2006، احداث 14 تشرين الأول 2021 عندما نزل مناصروه الى الشارع حيث طالبوا باسقاط المحقق العدلي في قضية إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار فالأمر لم يقتض فقط بمظاهرة اسقاط بل كان الهدف الدخول الى عين الرمانة وترهيب أهلها عبر إطلاق النار بشكل عشوائي والاعتداء على ممتلكاتهم، كما لا ينسى اللبنانيون أحداث الكحالة في آب 2023 عندما وقعت شاحنة محملة بالأسلحة على كوع الكحالة ومجيء عناصر من الحزب الى المنطقة ومنع الأهالي من الإقتراب، ما أدى الى توتر بين الأهالي والعناصر ما لبث أن تطور الى اطلاق نار تجاه الأهالي وابعادهم وقتل المواطن فادي بجاني الذي حمل السلاح دفاعا عن أهل منطقته. كل هذه الممارسات ما هي الا نتاج فائض القوة الذي تمتع به جمهور حزب الله بسبب قياداته التي كانت تحاول دائما تعبئة جمهورها ليشعر بفائض القوة هذا.
أما بعد انتهاء الحرب ودخول لبنان اتفاق وقف إطلاق النار، فقام النواب والمسؤولون في حزب الله بشكر اللبنانيين على استقبالهم لجمهور البيئة الحاضنة مشددين على التضامن الوطني في الفترة المقبلة، كما طالبوا بتطبيق القرار 1701 وانتشار الجيش اللبناني على الحدود وذلك للمرة الأولى منذ حوالي 14 شهرا ، . تصريحات اعتبرت إيجابية نوعا ما ترجمت في جلسة التمديد للقادة الأمنيين وقائد الجيش حيث وافقوا على قانون التمديد.
الحرب هذه المأمول ان تكون اخر الحروب اثبتت بما لا يرقى اليه شك ان نظرية وحدة الساحات لم تخدم حزب الله لا بل دمرت قدراته العسكرية عبر اغتيال قيادييه وقصف مقاره وتشريد بيئته من خلال تدمير المنازل وموارد الرزق، كما أن الجيش الإسرائيلي بات يحتل حوالي 30 قرية محاذية لنهر الليطاني مع فرض شروط منع التجول.
بعد خسارة جسيمة مُني بها الحزب وقاعدته الشعبية جراء حرب عبثية استقدمها بنفسه، لا بد من التساؤل عما اذا اقتنع بأن الدولة هي المرجع الوحيد في حماية اللبنانيين ، وان مغامراته العسكرية الفاشلة ادت الى هزيمة تاريخية ، كان يمكن تجنبها لو انصاع الى ارادة نصف الشعب اللبناني المعارض وقادته السياسيين الذين رفضوا منذ اليوم الاول فتح جبهة الإسناد والمشاغلة دفاعا عن غزة.وها ان السلاح لم يحرر غزة بل وضع قسما من الأراضي اللبنانية تحت الاحتلال الإسرائيلي.
تصاريح بعض نواب الحزب
لا تبشر بالخير، لكنها حتما ليست معيارا بعدما شق الاتفاق طريقه وابصر النور والحقيقة ستظهر في قابل الايام.