الإجتياح الاسرائيلي الموسّع يفرض اتفاق سلام...التسوية بعد "التنظيف"
جوانا فرحات
المركزية – منذ ليل أمس بات التوغل البري نحو الجنوب امراً واقعاً. حوالى 100 دبابة إسرائيلية تقف على طول الحدود الشمالية ويتلقى الجيش تدريبات مختلفة استعدادا للتوغل البري الذي يبدو أنه ليس إلا مسألة وقت كما يُجمع المسؤولون الإسرائيليون .
وفي انتظار ساعة الصفر، نفذت القوات الإسرائيلية بحسب مزاعمهاعمليات تسلُّل إلى جنوب لبنان ودخلت أنفاق حزب الله الواقعة على طول الحدود بهدف جمع معلومات إستخباراتية حول استعدادات الحزب ولتسهيل الإنتقال إلى مرحلة التوغل وسط الحديث عن اجتياح محدود وخطة لإحداث تغييرات في جنوب لبنان. لكن هل يمكن الوثوق بكلام الإسرائيلي وما هي أبعاد العملية العسكرية البرية التي بدأت في الجنوب؟
توضح مصادر ديبلوماسية لـ"المركزية" أن ما يحصل على طول الحدود الشمالية لإسرائيل ليس إلا خطة أولية تهدف إلى القضاء على كل ما يمكن وجوده في الأنفاق لمنع أي عملية تسلل من قبل حزب الله إلى داخل الأراضي الإسرائيلية. أما التالي، بحسب المصادر، فلن يكون التوقف عند حدود المرحلة الأولى وسيتطور الأمر لأن إسرائيل تستغل الفرص المناسبة الآن لتحقيق أقصى ما تتمناه. "تنظيف" الجنوب وإعادته وفق قواعد وأسس جديدة تضمن الحالة السياسية والأمنية التي تعيد الإستقرار لشمالي إسرائيل وبالتالي لجنوب لبنان.
المرحلة القائمة اليوم تعتمد كثيرا على الجهود الديبلوماسية والحراك في هذا الشأن يجري على قدم وساق، سواء الفرنسي أو الأميركي في لبنان، وأيضا التواصل الأميركي مع إسرائيل مما يؤكد أن هناك مساعيَ جدية لإيجاد تسوية سياسية، لكن بعد أن تكون إسرائيل قد أنهت فعلا "تنظيف" المساحة الجغرافية المحدودة التي تخشى من خلالها أن تتدفق قوات عسكرية تابعة لحزب الله إلى الأراضي الإسرائيلية.
لكن وباعتراف المصادر "الأمر ليس في هذه السهولة" لا سيما أن إيران تبدو الآن وكأنها خارج ما يجري من نقاشات في هذا الصدد. إلا أنها صرحت على لسان أحد مسؤوليها بأنها لا تستطيع أن تبقى خارج ما يجري في لبنان وهذا الأمر بالفعل قد يدفع إلى حرب شاملة بين إسرائيل وإيران وأذرعها في المنطقة.
في العودة إلى العملية البرية، تلفت المصادر إلى وجود دعم مطلق من قبل الولايات المتحدة لإسرائيل بهدف "تنظيف" المساحة الجغرافية وبمساحة لا تتجاوز الـ7 كلم على الحدود مع لبنان، وبما يسمح بقطع كل السبل والوسائل التي من شأنها أن تسمح للحزب القيام بهجمات عسكرية داخل الأراضي الإسرائيلية وهذا الدعم ورد على لسان وزير الخارجية الأميركي لويد أوستن.
أبعد من هذه المساحة، ثمة خشية من القوى الأبعد المتمثلة بالصواريخ والمدفعية التابعة لحزب الله.وفي هذا السياق، تخشى المصادر الديبلوماسية أن تتابع إسرائيل عملية التوغل إلى ما هو أبعد من المساحة المحددة للتنظيف إذا لم يتم التوصل إلى حل لهذه القوى ديبلوماسياً، "وقد تنزلق الأمور إلى ما هو أبعد من ذلك نظراً إلى شهية إسرائيل وأطماع نتانياهو الذي يعلم بأن لديه فرص ممتازة في هذه المرحلة التاريخية لتحقيق إنجازات لم يتمكن من إحرازها سابقا. وفي حال امتد التوغل إلى ما هو أبعد من شمالي الليطاني يصبح الحديث عن القرار 1701 من الماضي وقد نعود إلى الحديث عن اتفاق 17 أيار جديد أو اتفاق سلام لتأمين الإنسحاب".
واستطرادا، تشير إلى ما ورد على لسان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بأن "لبنان مستعد لتطبيق القرار 1701 وإرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب" علما أنه موجود في الجنوب بناء على هذا القرار إلا إذا كان المقصود تفعيل دوره وفرض سيادته.
"كلام ميقاتي جاء نيابة عن رئيس مجلس النواب نبيه بري والإثنان متفقان بأن الحديث عن القرار 1701 وتطبيقه يحتاج إلى إجراءات مختلفة عما كان عليه في الماضي.بمعنى آخر هما يعترفان بأن ثمة حاجة لتعزيز دور قوات الطوارئ الدولية والجيش اللبناني بغية ضمان الأمن فعليا وليس نظريا على الأرض. وأي كلام لا يحقق واقعاً فعليا يمنع إعادة انتشار حزب الله في المساحة الجغرافية التي تنوي القوات الإسرائيلية التوغل فيها لمنع حزب الله من استخدامها للقيام بعمليات إسرائيلية داخل أراضيها سيكون غير مقبول، ولن يكون لكلام ميقاتي وبري أي صدى عند الجانبين الإسرائيلي والأميركي إذا لم يتقدم لبنان بأشياء حقيقية عملية تمنع عودة هذا الحزب إلى العمل العسكري".
وإذ تتوقف المصادر عند الأنباء التي خرجت عن انسحاب الجيش اللبناني من الجنوب، ترفض اي كلام عن تهميش دوره "والصحيح أن الجيش اللبناني أُخرِجَ واقعياً لأنه لم يكن جزءاً من العمليات العسكرية في وجه إسرائيل منذ اتفاق الهدنة عام 1949 وبالتالي فإن خروج الجيش هو التزام بالقرار 1701 وباتفاق الهدنة والجيش لا يستطيع واقعياً القيام بأية مواجهة، وكانت هناك محاولة ومسعى جدي لإبعاده عن أي ضرر وقد تحدث الفرنسيون جدياً في الأمس عن ضرورة تعزيز قدرات الجيش اللبناني ليتمكن فعليا من القيام بدوره في الجنوب".
وتختم المصادر "أعتقد أن العمل الديبلوماسي الجاري حاليا يسير على خطٍ متوازٍ مع العمل العسكري الذي تقوم به إسرائيل. وبمقدار ما يتقدم الأول في تحقيق ما تريده الآلة العسكرية سنجد تراجعاً في العمليات العسكرية. أما إذا لم يحقق العمل الديبلوماسي مثل هذا الإنجاز سنشهد على المزيد من الأعمال العسكرية".