أحداث الشرق الأوسط وتأثيرها على الانتخابات الأميركية.. أمن إسرائيل أولاً!
يولا هاشم
المركزية - يصوّت الأميركيون في 5 تشرين الثاني المقبل، لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا لجو بايدن، الذي أعلن انسحابه من السباق في 21 تموز مؤيدا ترشيح نائبته كامالا هاريس قبل شهر واحد من انعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي الذي رشحها رسميا في 23 آب لتواجه دونالد ترامب.
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية واحتدام المنافسة بين ترامب وهاريس، احتدمت الأوضاع في الشرق الأوسط عموماً ولبنان خصوصاً، ولعلّ الأبرز اغتيال اسرائيل لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله. هذا الحدث لاقى ترحيبا من الإدارة الأميركية الديمقراطية، إذ عبّر بايدن عن ارتياحه لعملية الاغتيال مشيرا الى ان حزب الله مسؤول عن قتل مئات الأميركيين على مدى عقود، وان هذا الاغتيال قسط من العدالة يُقدَّم لضحاياه العديدين بما في ذلك الآلاف من الأميركيين والاسرائيليين والمدنيين اللبنانيين. من جهتها، قالت هاريس: كانت يدا حسن نصرالله ملطخة بالدماء الأميركية. وعلى مدى عقود من الزمان، أدّت قيادته لحزب الله إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط ومقتل عدد لا يحصى من الأبرياء في لبنان وإسرائيل وسوريا وحول العالم، واليوم يتمتع ضحايا حزب الله بقدر من العدالة.
أما ترامب فلم يعلق على هذا الاغتيال بشكل مباشر، وجاء التعليق على لسان صهره ومستشاره السابق في البيت الأبيض جاريد كوشنير الذي وصف اغتيال نصرالله باليوم الأكثر أهمية في الشرق الأوسط منذ إنجاز اتفاق السلام الإبراهيمي الذي قام فيه بدور الوساطة، اعتبر ما جرى أمراً كبيراً لأن ايران أصبحت مكشوفة تماماً، ورأى أن الخطوة الصحيحة لأميركا الآن هي ان تطلب من إسرائيل أن تنهي المهمة التي تأخرت قليلاً وتفكك الترسانة الايرانية لا أن يتوقف إطلاق النار. فكيف ستؤثر هذه الأحداث على الانتخابات الرئاسية الأميركية؟
السفير السابق في واشنطن رياض طبارة يؤكد لـ"المركزية" ان "أحداث المنطقة لا تؤثر بشكل كبير على الانتخابات الأميركية، والموقف الأميركي من اسرائيل ثابت ويرتكز على مساندتها عسكرياً وسياسياً، حتى لو اختلف الكلام بين ترامب وهاريس نوعاً ما بتفاصيله، لكن العلاقة ثابتة. و لذلك لم تدخل أحداث المنطقة في الانتخابات إلا من جهة أن اليوم أصبح هناك صوتاً موحّداً للأميركيين العرب الذين تجمعوا معاً في تحالف مع التقدميين الشباب. وهذا الأمر بدأ يتفاعل منذ مدة في الانتخابات الأميركية، لكن لا جديد غير ذلك، واغتيال نصرالله لن يزيد أو ينقص أصواتاً لمرشح دون الآخر. هذه الأمور لا تدخل في صلب الانتخابات الأميركية أو تشكل فارقاً كبيراً للولايات المتحدة، بل هي مهمة فقط لإسرائيل".
وعن حظوظ ترامب او هاريس بالوصول الى البيت الأبيض يجيب طبارة: "من يدّعي بأنه يملك جواباً، فهو لا يعرف الانتخابات الأميركية، لأن النتائج مرهونة باللحظات الأخيرة، لأن أي خطأ يرتكبه أي من المرشحين يُكلّفه غالياً. الانتخابات الأميركية تقف على أقلية صغيرة من الناخبين الموجودين في نحو ثماني ولايات منها ويسنكسن وميشيغن وبنسيلفانيا ونورث كارولينا وفلوريدا، هذه الولايات تضمّ ناخبين لا يقررون مسبقاً. أما الولايات الأخرى فهي تصوّت دائماً إما للجمهوريين أو للديمقراطيين. والناخبون الذين ينقلون من جهة إلى أخرى من الصعب تقدير توجهاتهم قبل أشهر. في الفترة الاولى تقدم ترامب على بايدن ثم جاءت هاريس فتقدّمت عليه، وهو اليوم يحاول التعويض. حتى من يجرون استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة لا يمكنهم الجزم، too close to call يقولون، اي ان الامور ما زالت تتأرجح في هامش الخطأ الإحصائي".
بالنسبة للبنان، هل يختلف الأمر مع وصول جمهوري او ديمقراطي الى الحكم، يجيب: "لا أعتقد، لأن تزويد اسرائيل بالأسلحة سيستمر، ومساندتها في الأمم المتحدة ستكمل، وكذلك الأمر بالنسبة للفيتو على أي قرار ضد اسرائيل. قد يكون هناك بعض الفروقات في قضية الضغط على تل أبيب، لكن برأيي إسرائيل تضغط أكثر على الولايات المتحدة وليس العكس، والدليل التصفيق الحاد عند إلقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو كلمته في الأمم المتحدة. يتحدثون عن جرائم حرب ومحكمة العدل الدولية اتخذت قرارات ضده ومحكمة الجنايات الدولية ستوقفه، رغم كل هذا، لم يهدأ التصفيق له، لدرجة أنه طلب منهم وقف التصفيق والاستماع".
ويضيف طبارة: "قد يكون هناك ضغط في مكان ما، لكن كل هذه حسابات انتخابية، والامور مؤجلة الى ما بعد الانتخابات. المرشحان يعلنان أنهما يسعيان للسلام، لأن من شأن ذلك أن يجير لهما الأصوات في الجو الأميركي الحالي"، مشيرا إلى ان "لا فرق كبير في تعامل كل من ترامب وهاريس مع اسرائيل أكان في موضوع فرض عقوبات او توقفهما عن الدفاع عنها. هذه راسخة في السياسات الأميركية".
ويرى طبارة ان "الدول الغربية كلها تقع في شرك اسرائيل، حتى فرنسا أمنا الحنونة لا تستطيع القيام بأي خطوات لأنها لا تريد زعل اسرائيل. والدليل المبادرة الأخيرة التي أطلقتها كل الدول التي تعتبر نفسها أصدقاء لاسرائيل ورغم ذلك رئيس الوزراء الاسرائيلي لا يلين. وهذا يدلّ على مدى تأثيرهم على اسرائيل التي تضرب حيثما تشاء دون رادع وتقتل الاطفال والنساء والرجال ولا نسمع أي صوت اعتراضي من اوروبا. لذلك لا أتأمل ان تكون لدينا مساعدة قوية من الغرب، الذي جلّ ما يهمه هو عدم توسع الحرب في المنطقة خشيةً من انجرارهم إليها والانغماس في وحولها. لكن هل سيوقف نتنياهو استهدافاته؟ لا أعتقد ذلك".
ويختم: "نعيش في الجغرافيا الخطأ، اسرائيل تضرب ولا أحد يردعها. وأمس قال نتنياهو: نعمل على تأسيس شرق أوسط جديد، وهذا يعني اولاً عودة القضية الفلسطينية الى الخلفيات ونزعها من الأولوية، وثانياً العودة الى التفاهمات الإبراهيمية والتطبيع مع العرب، وثالثاً جذب السعودية الى جانبها، ورابعاً خلق تحالفات جديدة في الشرق الأوسط ضد ايران لضرب أذرعها".