Sep 29, 2024 12:07 PM
خاص

ما بعد بعد اغتيال نصرالله: الثابت والمتحرك يؤكدان استمرار المواجهة حتى آخر لبناني!؟

طوني جبران

المركزية - ما هو ثابت ولا يخضع إلى اي تشكيك ان اسرائيل اغتالت الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ومن كان برفقته من أفراد العائلة وأركان القيادة الحزبية والقادة والمستشارين الايرانيين بعد مجموعة من العمليات التي ارجئت في اللحظات الأخيرة أكثر من مرة. وما هو متحرك يبقي مجالا للمناقشات والأخذ والرد والتشكيك لفترة طويلة ذلك أن العملية التي تسببت بالزلزال الكبير لن تقتصر تردداتها على ما يمكن ان تشهده الساحتين الداخلية السياسية والعسكرية والخارجية في الحرب المفتوحة بين اسرائيل والحزب بما فيها من توقعات وسيناريوهات متعددة تختلط فيها المعلومات بالرغبات والامنيات وتحيط بها الشكوك من كل الجهات.

ولا تنسى المراجع الديبلوماسية والعسكرية في حديثها الى "المركزية" عند تقويمها للحادث الكبير الذي أودى بنصرالله وهو في أعلى الهرم القيادي السياسي والعسكري ليس على مستوى الحزب في لبنان انما على مستوى "قوى الممانعة" في المنطقة التي تمكنت طهران من نشرها وتمكينها من أن تكون قوة تجاوزت قوة الجيوش في الدول التي انتشرت فيها فلعبت أدوارا تجاوزت القوى الأخرى فيها. ولذلك لم تخف اسرائيل يوما نياتها بمثل هذه العملية. منذ سنوات عدة وهو أمر يعرفه القاصي والداني حتى ان السيد نصرالله كان يتناول مثل هذا الحدث - المتوقع في أكثر من خطاب متحدثا عن التريث في إطلاق بعض المواقف التي يمكن أن يبحث فيها لاحقا "إن بقينا على قيد الحياة الى تلك اللحظة" والتي ترددت على لسانه أكثر من مرة.

وعلى هذه الخلفيات، قالت المراجع انه كان طبيعيا أن تستخدم اسرائيل هذا الكم من الصواريخ المتطورة التي لم تستخدم خارج حقول التجارب والمناورات العسكرية بعد، لتكون العملية مضمونة فهي بحاجة لابراز هذا الجانب من القوة الخارقة في سباقها الى حسم المواجهة المفتوحة على شتى الاحتمالات من قطاع غزة الى لبنان وسوريا والعراق وصولا الى اليمن وايران فكلها باتت ساحة مفتوحة ومسرحا لاطول الحروب في المنطقة وقد سخرت لها كل الامكانيات العسكرية والاستخبارية والمالية.

وعليه، يجدر بهؤلاء المراقبين التوجه الى قراءة عناوين المرحلة ما بعد بعد نصرالله استنادا الى نماذج من المعطيات والمؤشرات وهذه عينة منها:

- كان متوقعا ان تقدم تل ابيب على مثل هذه الخطوة منذ أن وجهت أولى الاشارات التي كان يقف عندها نصرالله ومن يقرأ الى جانبه من الحلقة الضيقة الرسائل المتعددة، فاغتيال أحد مرافقيه أبو الفضل قرنبش على طريق دمشق في 10 تموز الماضي، كانت من اولى تلك الرسائل، قبل ان تقترب منه اكثر باغتيال فؤاد شكر في قرب المربع العسكري للحزب ليل 30 – 31 تموز الماضي قبل ساعات قليلة على اغتيال اسماعيل هنية في طهران. ولما اقتربت اكثر من حلقة المساعدين لنصرالله ورفاقه الأوائل في قلب الضاحية الجنوبية وصلت الى رأس الهرم فكان هو الهدف.

- لم تهمل المراجع ما اشارت اليه عمليتا تفجير شبكتي النداء والتواصل ما بين 17 و18 ايلول الجاري من رسائل تجاوزت في اهدافها التكتيكات العسكرية التقليدية، ذلك ان ما ارادت تل أبيب قوله إن تدمير وسائط القيادة والسيطرة كانت وما زالت من اولى الاهداف في الحروب التقليدية ولكنها ارادتها نموذجا متقدما من الحرب التي خلطت بين تلك الوسائل وما أظهرته من قدرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة وتسخيرها للحروب "الوسخة" التي أسقطت فيها كل المحرمات، ذلك انها تقود حربا ضد مجموعات وتنظيمات موسومة بالارهاب عند المجتمع الدولي وتفتقر الى ما تتمتع به الجيوش الشرعية من حصانة توفرها المعاهدات والمواثيق الدولية وهي حروب تهواها اسرائيل لانها من مصلحتها، وقد سعت الى انشائها عندما عززت سيطرة حماس على غزة لفصلها عن ادارة السلطة الفلسطينية وطالما ساهمت بطريقة من الطرق بتعزيز موقع "حزب الله" على الساحة اللبنانية على حساب السلطات الشرعية فيه.

على هذه الخلفيات، تقلصت السيناريوهات التي يمكن ان تقود إليها عملية اغتيال نصرالله، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

- إن "الاستسلام المذل" الذي توقعه البعض كان وهما وقد بات وراء القيادة الايرانية التي وضعت يدها على هذا الملف برمته منذ اللحظة الأولى لعملية الإغتيال، وهي على ما يبدو قد اتخذت خيارها بالمضي بالمواجهة حتى الافق الأقصى قبيل اعادة تشكيل وتوليد القيادة الجديدة للحزب.

- التريث في شكل الرد الذي يمكن أن تقدم عليه بعد اغتيال نصرالله، وهو رهن الجهود المبذولة للملمة صفوف الحزب اولا. وهي مهمة وفد ايراني رفيع المستوى موجود في بيروت يشرف على اعادة تكوين المجلس الجهادي الذي فقد عددا من اعضائه تزامنا مع ترميم مكونات "وحدة الساحات" والتي قدمت لها بعض الصواريخ التي انطلقت من اليمن والعراق ومعها بعض المسيرات إشارات كافية إيذانا بأنها قد تنهض من جديد.

واستنادا الى ما تقدم، تخلص المراجع الديبلوماسية والعسكرية لتعبر عن تعاظم مخاوفها بوجود النية بالتصعيد من جانبي النزاع، فعمليات الإغتيال والغارات الإسرائيلية التي لم تكتف برأس نصرالله ومن قضى معه، دعوة لا يفهمها سوى خصومها من "محور الممانعة" للاستمرار في المواجهة أيا كان الثمن وحتى آخر لبناني وفلسطيني. فكل وسائل كبح جماح العقل العسكري مفقودة. فالمجلس النيابي اللبناني في عطلة قسرية مستدامة ولم ير رئيسه حاجة لعقد جلسة لمناقشة ما يجري وحكومة تصريف الاعمال اختصرتها وزارة الصحة في مهمتها لتعداد الشهداء والضحايا والجرحى فيما تسعى الهيئة المكلفة بادارة الكوارث للبحث عن الفرش والحرامات وحليب الاطفال للنازحين ضمن بلدهم بعدما ضاقت بهم السبل الى الأماكن التي توفر الحد الادنى للسكن.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o