نهج "المعلّم" في الحكومة السورية والمقداد خارج الديبلوماسية...لكل مرحلة رجالاتها!
جوانا فرحات
المركزية – أسئلة عديدة طُرحت حول التشكيلة الحكومية الجديدة في سوريا برئاسة محمد غازي الجلالي خلفاً لرئيس الوزراء السابق حسن عرنوس. ومن أبرز التغييرات تعيين نائب وزير الخارجية والمغتربين بسام الصباغ وزيراً للخارجية، خلفاً للوزير السابق فيصل المقداد الذي أصبح نائباً لرئيس الجمهورية، ومفوضاً بمتابعة تنفيذ السياسة الخارجية والإعلامية في إطار توجيهات رئيس الجمهورية.
الجدير ذكره أن الصباغ الذي بدأ تحضيره لتسلم حقيبة الخارجية منذ تعيينه في آب الماضي نائباً لوزير الخارجية تتلمذ على يد وزير الخارجية الدمشقي الراحل وليد المعلم، الذي كان يتمتع بمرونة عالية وحنكة دبلوماسية رفيعة. والسؤال الأبرز الذي يطرح لماذا تم استبعاد المقداد عن الديبلوماسية في هذا الظرف تحديدا، وما خلفيات تعيين خلفٍ له من مدرسة "الديبلوماسية المرنة"؟.
"لكل مرحلة رجالاتها" بهذه العبارة يبدأ مستشار الإتحاد الأوروبي في قطر لمنطقة الخليج جورج أبو صعب كلامه حول المشهد الحكومي الجديد في سوريا ويشير إلى أن وزير الخارجية الأسبق وليد المعلم كان يمثل خط التفاوض مع الغرب ولم يكن راديكاليا في نهجه. وبطبيعة الحال فإن هذه المرحلة في سوريا تتطلب نهجا مماثلا وهذا ما رأيناه في تشكيلة الحكومة السورية الجديدة التي توحي بالثقة والقدرة على التعاطي مع الغرب .
في هذا السياق يتابع أبو صعب، جاء تعيين وزير الخارجية الجديد بسام الصباغ خلفا للمقداد أضف إلى ذلك أن غالبية الوزراء من شخصيات التكنوقراط المهيئين للعمل على المرحلة المقبلة خصوصا وأن بشار الأسد وحاشيته باتوا خارج المعادلة، والأسد يهتم بمصيره وليس بمصير سوريا. كل هذا يعني أن الأمور سائرة باتجاه تسوية على قاعدة الشروط التي فرضت على بالاسد في القمتين العربيتين وذلك بمباركة روسية وموافقة أميركية وحياد إيراني".
تغيير وزير الخارجية السوري فيصل المقداد يأتي في ظل تصعيد إسرائيلي خطير تحاول دمشق تجنب نيرانه المباشرة. إلا "أن الملف السوري دخل مرحلة السباق العام والشامل. فالأسد لم يعد رأس حربة في محور المقاومة وليس المطلوب يكون من ضمنه، إنما عليه الدخول من الباب الضيق للتسوية في سوريا التي ستتحقق ولن يكون بشار رئيسا في تلك المرحلة".
إلى حينه، يبدو أن النصائح التي يتلقاها الأسد بدأت تصل من حلفائه. ويكشف أبو صعب "أن الأسد تلقى نصيحة من الروسي بضرورة الإستجابة للمبادرات العربية والخليجية لأن الوضع في سوريا لم يعد يحتمل البقاء على ما هو عليه. وهناك إعادة ترتيب أوراق ورسم خرائط نفوذ تكرّس الأمر الواقع في محاور عديدة بدءا من شمال سوريا وشرق الفرات حيث الوجود الأميركي الذي سيتم تسليمه لقوات "قسد" والعشائر المناهضة لإيران على رغم الوجود الإيراني الموالي للنظام السوري في الداخل. أما في الجنوب وتحديدا درعا والسويداء فالمرجح أن تكون هناك إدارة ذاتية موقتة وإلا سنشهد على تقسيم سوريا إلى أكثر من مقاطعة".
وسط كل هذه المشهدية لا يزال التعاطي الدولي والخليجي مع الرئيس بشار الأسد "وهذا طبيعي لأنه الرجل الوحيد وليس "القوي" ولا بديل عنه حاليا للإمساك بما تبقى من سوريا". ويوضح أبو صعب أن فتح سفارات الخليج في سوريا لا يؤشر إلى ثقة الحكام بشخص الأسد أو اليقين بأنه باقٍ في الحكم، إنما لأنه أفضل الممكن. وعلى هذا الأساس يتم التعاطي معه. أضف إلى أن المعارضة لم تسفر طيلة فترة الحرب السورية عن بروز شخصية ذات بعد محلي إقليمي. إنطلاقا من ذلك هناك مرحلة تعويم للأسد لفترة سنة أو سنتين، إنما ضمن شروط، ومنها إلغاء التجنيد الإجباري وإصدار قانون عفو عام. وقد بدأ بتنفيذ هذه البنود مما يعني أنه يسير بها إضافة إلى شروط أخرى مفروضة عليه من فوق الطاولة وتحتها".
في ما يتعلق بإيران، المرجح بحسب قراءة أبو صعب، أن يبقى لديها نفوذ في الداخل السوري تستطيع من خلاله استرداد قسم من دعمها لبشار الأسد خلال الحرب في سوريا".
لكن إزاء كل هذه المشهدية هناك مخاوف من أن تنتقل الحرب إلى سوريا "فبعد محور غزة الذي انتهت فصوله الحربية بضبضبة حماس والجهاد الإسلامي ، ومحور شمال إسرائيل عبر السيناريو الذي تنفذه إسرائيل اليوم على لبنان إنطلاقا من الجنوب للقضاء على الجناح العسكري لحزب الله. يبقى المحور السوري الذي يُخشى أن تنتقل إليه الحرب لإنهاء النفوذ والتأثير الإيراني الذي لن يعود إلى ما كان عليه قبل عمليتي "طوفان الأقصى" و "سهام الشمال" خصوصا إذا أعطت الولايات المتحدة مكاسب لإيران في أماكن أخرى".