بلينكن في القاهرة...أكثر من حوار وأقل من حل
نجوى ابي حيدر
المركزية- اعتبارا من اليوم ولغاية الخميس المقبل، وبهدف افتتاح الحوار الاستراتيجي مع جمهورية مصر العربية، يزور وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن القاهرة، في محطة هي العاشرة في المنطقة منذ عملية طوفان الاقصى، وهو رقم قياسي تسجله الدبلوماسية الاميركية في مجال الزيارات الخارجية لمسؤوليها، يعكس مدى الاهتمام الذي تبديه بأوضاع الشرق الاوسط واصرار ادارة الرئيس جو بايدن على وقف حرب الاستنزاف التي تكبّد جميع المنخرطين فيها خسائر هائلة بشريا وماديا واقتصادياً.
صحيح ان عنوان الزيارة حوار استراتيجي، بيد ان جوهرها يكمن في محاولة احياء مفاوضات وقف النار في غزة ، وتحديدا ادقّ الملفات الشائكة واكثرها اثارة للجدل، محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر ، الذي يشكل جوهر الخلاف راهناً، ذلك ان اسرائيل تعتبره ممرا لتهريب السلاح من مصر الى حركة حماس، فيما هي تحاصرها لخنقها ومنع وصول الامدادات اليها. من هنا تحديدا، تتسم زيارة بلينكن بأهمية خاصة، توجب رصد تفاصيلها لتلمّس ما اذا كان يحمل جديدا من شأنه ان يذلل العقبات الكامنة في وجه الاتفاق ، علما ان وزارة الخارجية الاميركية اعلنت في وقت سابق، انها تعمل مع شركائها على طرح مقترح مُعدّل يمكن ان يحمل الطرفين على التوصل الى حل.
وعلى رغم نفي رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو وجود اتفاق قيد الاعداد، كما تقول واشنطن، وتأكيده ان لا اتفاق في المدى المنظور،الا ان الحركة الاميركية المُكثفة، عشية الانتخابات الاميركية الشهر المقبل، تعكس اصرار ادارة الرئيس جو بايدن على بلوغ الحل، ما دام لا بديل منه، ووجوب وضع حد لحمام الدم في غزة وانهاء معاناة الرهائن لدى حماس وأهاليهم الذين يصعدون تحركاتهم ويمضون بالضغط على نتنياهو لابرام اتفاق مع حماس يفكّ أسرهم.
الا ان مضيّ نتنياهو في عرقلة جهود الوساطة منذ اشهر ونسف سلسلة مقترحات حل، وفرض شروطه وأهمها "استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا، ومعبر رفح في غزة، ومنع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى شمال القطاع ،عبر تفتيش العائدين من خلال ممر نتساريم، مقابل تمسك حماس بانسحاب كامل لإسرائيل من غزة ووقف تام للحرب للقبول بأي اتفاق،كل هذا، يعرقل الجهود الاميركية ويطيح آمال ادارة بايدن بتحقيق هذا الانجاز وتدوينه في سجلاتها قبل رحيله، ما يفسرّ اصرار الادارة على عدم الاستسلام لا بل تكثيف الجهود حتى اللحظة الاخيرة.وتبعا لذلك يمكن فهم زيارة بلينكن الى مصر في شكل خاص.
ازاء المشهد هذا، تقول اوساط دبلوماسية عربية لـ"المركزية" ان حكومة اسرائيل التي تواصل الحرب متجاهلة النصح الاميركي والغربي وقرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة، لن تتمكن من فرض شروطها الى اجل غير مسمى ولا القضاء على حماس بإقرار قادتها انفسهم، وستجد نفسها في أجل غير بعيد مضطرة للرضوخ للرغبة الاميركية ، لأن لا قدرة لها على ان الاستمرار في حرب استنزاف ارهقتها وتسببت بخسائر كبيرة لسمعتها واقتصادها ووضعتها امام مأزق سياسي وعسكري وشعبي،وقد هرب منها نحو مليون مستوطن ونزح ما يقارب نصف مليون، وبات الاخرون في مرمى الصواريخ، اضف الى انها لم تعتد الحروب الطويلة بل الخاطفة. وتضيف: يمارس نتنياهو اقصى ضغوطه ويرفع سقف شروطه لتحصيل اكبر قدر من المكاسب تعويضا عن ضربة "طوفان الاقصى"، لكن صبر الادارة الاميركية سينفد قريباً، وحينما تقرر واشنطن فرض الحل ستجبره على السير به، والا فإن مصيره سيكون على المحك. فارصدوا وترقبوا، تختم الاوساط.