مَن عدوّ مَن في طوفان غزّة؟
الفكر الغربي المادي يعاني من قصر نظرٍ قاتل جعله يموّل تأسيس عدوٍّ ليقاتل عدوّه لحسابه، فيتحوّل هذا العدوّ بعد فترة عدواً شرساً له، تكلفة قتاله باهظة وجردة ضحاياه هائلة، وهذا ما أصاب أميركا مع “القاعدة” وما يصيب إسرائيل مع “حماس” التي موّلت الدولة العبرية أحد أصولها في غزة سنة 1973.
الولايات المتحدة موّلت وسلّحت ودرّبت حشداً من الجهاديين العرب والأفغان من بينهم قاعدة أسامة بن لادن ليقاتلوا الإتحاد السوفياتي لحسابها، لكن بعدما هزم الجهاديون السوفيات وطردوهم من أفغانستان تفرّغت قاعدة بن لادن لقتال أميركا فدمّرت لها رمز عنفوانها الرأسمالي المتمثل ببرجي “مركز تجارة العالم” بنيويورك في 11 أيلول العام 2001 وما زالت تشغلهم حتى اليوم على الرغم من محاولتهم علاج جرح كرامة العم سام بالمفاخرة بقتل أسامة بن لادن بباكستان في 2 أيار العام 2011.
تفادياً للدخول في جدل الآراء وحدّة المواقف وعصف العواطف حيال حماس وأصولها وتحوّلاتها، ننقل ما أوردته موسوعة “ويكيبيديا” في هذا الصدد بصياغتها… وأخطائها اللغوية أيضاً…
كتبت ويكيبيديا: “تعود أصول حركة حماس إلي جماعة الإخوان المسلمين، ففي عام 1935 أقامت جماعة الإخوان المسلمين في مصر بقيادة حسن البنا اتصالات في فلسطين الانتدابية وافتتحت في عام 1945 أول فرع لها في القدس، وتم افتتاح المقر الرئيسي للجماعة في 25 (تشرين الثاني) نوفمبر 1946م”.
“…عندما احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية عام 1967، لم يشارك الإخوان المسلمون بنشاط في المقاومة، وفضلوا التركيز على الإصلاح الاجتماعي والديني واستعادة القيم الإسلامية. تغيرت هذه النظرة في أوائل الثمانينيات وأصبحت المنظمات الإسلامية أكثر انخراطًا في السياسة الفلسطينية. كان الدافع وراء هذا التحول هو أحمد ياسين، وهو لاجئ فلسطيني من الجورة. من أصول متواضعة وكان يعاني من شلل رباعي، ثابر ليصبح أحد قادة الإخوان المسلمين في غزة. جلبت له جاذبيته وقناعته مجموعة مخلصين من الأتباع، يعتمد عليهم في كل شيء – من إطعامه، إلى نقله من وإلى الأحداث، وإيصال استراتيجيته للجمهور..”
“في عام 1973، أسس أحمد ياسين “الجمعية الخيرية الدينية الاجتماعية” (“المركز الإسلامي”) في غزة كفرع لجماعة الإخوان المسلمين. شجعت السلطات الإسرائيلية مؤسسة ياسين الخيرية على التوسع لأنها رأت أنها تمثل توازنًا مفيدًا لمنظمة التحرير الفلسطينية العلمانية. يتسحاق سيغيف، الحاكم العسكري الإسرائيلي لغزة في ذلك الوقت، ذكر أنهم قاموا بتمويل مؤسسته الخيرية: «أعطتني الحكومة الإسرائيلية ميزانية، والحكومة العسكرية أعطتني المساجد». مسؤول الشؤون الدينية الإسرائيلي في غزة أفنير كوهين، استنتج في وقت لاحق مع الأسف أن حماس تم إنشاؤها عبر إسرائيل. وزعم أنه «حذر رؤساءه من دعم الإسلاميين.»”
(من خارج نص ويكيبيديا): “من الضروري ملاحظة تفصيل فائق الأهمية وهو أنّ الشيخ أحمد ياسين رحمه الله وطيب ثراه لم يطلب مساعدة من الإسرائيليين لأنه كان يعلم ويعلّم من لا يعلم أن الطلب من غير الله مذلة، فكيف إذا كان من عدو يحتلّ أرضه. الخبث الإسرائيلي قدّم ما قدمه لغاية ذكرها، الشيخ قبض ولم يحقّق للعدو ما قصد من فعلته”.
(عودة إلى ويكيبيديا): “أعلن الشيخ أحمد ياسين عن تأسيس الحركة باسمها الحالي في 6 كانون الأول 1987 حيث اجتمع سبعة من كوادر وكبار قادة العمل الدعوي الإسلامي معظمهم من الدعاة العاملين في الساحة الفلسطينية وهم: أحمد ياسين، وإبراهيم اليازوري، ومحمد شمعة (ممثلو مدينة غزة)، وعبد الفتاح دخان (ممثل المنطقة الوسطى)، وعبد العزيز الرنتيسي (ممثل خان يونس)، وعيسى النشار (ممثل مدينة رفح)، وصلاح شحادة (ممثل منطقة الشمال)، وكان هذا الاجتماع إيذانًا بانطلاق الحركة وبداية الشرارة الأولى للعمل الجماهيري الإسلامي ضد الاحتلال الذي أخذ مراحل متطورة لاحقاً. وزعت الحركة بيانها التأسيسي في 15 كانون الأول / ديسمبر 1987م، إبان الانتفاضة الأولى التي اندلعت في الفترة من 1987 وحتى 1994….”
“في 22 آذار العام 2004 إغتالت طائرات إسرائيلية الشيخ أحمد ياسين عندما كان عائداً إلى منزله على كرسيه المتحرك من صلاة الفجر وبعد شهر وخمسة أيام إغتالت مروحية إسرائيلية رفيقه في إدارة الحركة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في 17 نيسان العام 2004”. (إنتهى نص ويكيبيديا)
ودخلت الحركة في المجهول وصارت تعتمد في مداخيلها حصراً على تبرعات الأشقاء من أمها حركة الأخوان المسلمين الموزعين في العالم، وما زالوا من الممولين للحركة.
في العام 2006 فازت حماس بإنتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني ما يعطيها صلاحية تأليف الحكومة الفلسطينية، رفضت حركة فتح الإشتراك في حكومة حماس ورفض أمن فتح العمل في غزة بإمرة وزراء وإداريين من حماس، ودارت إشتباكات متقطعة بين الطرفين إستمرت عشرة أشهر أسفرت عن انفصال غزة عن بقية فلسطين.
وحسب إحصائية أعدَّتها الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، فقد قُتِل نتيجة الانفلات الأمني خلال تلك الفترة نحو 322 فلسطينياً منهم 236 في قطاع غزة غالبيتهم من حركة فتح، تم إلقاء بعضهم عن أسطح الأبنية بعدما اقتحمت حماس مكاتبهم وأسرتهم.
كما قتل في الضفة الغربية، وفق نفس الإحصائية، 86 فلسطينياً لم يتوفر أي تصنيف لهويتهم السياسية.
بعد انفصالها عن السلطة الوطنية قطعت معظم دول العالم علاقاتها بـ “حماس” التي لم تعد هي نفسها حركة الشيخ أحمد والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، فارتمت في حضن إيران أثناء حرب الخليج وصارت تتلقى من نظام الولي الفقيه كلّ الدعم التسليحي والتدريبي، وبعض الدعم المالي.
حركة الجهاد حظيت بعلاقة أعمق مع إيران بعدما بايعت الخامنئي ولياً لأمر المسلمين.
وهكذا انتقلت الحركة ومتفرعاتها من بيئتها العربية السنية عموماً إلى بيئة الحرس الثوري الإيراني ومرشده، فصارت تصالح من يصالح سيدها الصفوي كما صالحت بشار الأسد، وتعادي كل من يعترف بالسلطة الوطنية.
وصارت متواجدة على الأرض اللبنانية بالأمر الواقع المفروض من قبل محور الممانعة بقيادة حزب الإحتلال الفارسي من خارج أي قانون أو إتفاقيه كون الجمهورية اللبنانية تعترف حصراً بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها “الممثل الشرعي والوحيد” للشعب الفلسطيني وبالسلطة الوطنية كونها ممثلة لفصائل المنظمة.
وتأكيداً على انتمائها لمحور الممانعة ووجودها مع شقيقتها في الجهاد في لبنان تحت رعايته أصدر مكتب الإعلام في حزب الإحتلال الفارسي بياناً تزامن مع زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون لجنوب لبنان ولقائهما مع قائد اليونيفل. قال البيان إنّ الأمين العام للحزب التقى الأمين العام لحركة الجهاد في فلسطين زياد نخالة ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري.
وأضاف إنّ اللقاء تضمن تقييماً “للمواقف المتخذة دولياً وإقليمياً وما يجب على أطراف محور المقاومة القيام به في هذه المرحلة الحساسة لتحقيق انتصار حقيقي للمقاومة في غزة”.
فهل يمكن تحييد لبنان عن طوفان غزة كما ترغب معظم دول العالم باستثناء إيران التي تبشر بانضمامه إلى جبهة القتال أم تغرقه حماس وحاميها حزب الإحتلال الفارسي في وحول الجبهة؟
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يقول إنّ لبنان سيلتزم بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 علماً بأن جماعات إيران وإسرائيل يخرقون القرار يومياً ولا تفعل دولة لبنان شيئاً لردع من يطلق النار من أراضيها أو على أراضيها.
لبنان لن يُجرّ إلى الحرب لأنه دخلها فعلاً في 21 تشرين الأول الجاري عندما أطلق حزب السلاح الفارسي صاروخاً على إسرائيل من قضاء جزين خارج منطقة القرار 1701 وردت مسيرة إسرائيلية على مصدر النار… بصاروخ.
محمد سلام - هنا لبنان