دار الفتوى تقود تعافي السنة
قرار موفق اتّخذه المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان بتعيين ثمانية أعضاء لعضوية المجلس الشرعي لا تثار حولهم “شبهات” الإنتساب إلى، أو حتى التناغم مع، “جمعيات” ملتبسة كان بعض أعضائها قد إخترق الإنتخابات الأخيرة للشرعي الإسلامي الأعلى بالتعاون مع بعض القوى الناخبة متعددة الولاءات.
شخصيات رفيعة المستوى نقية السمعة في البيئة السنية وعلى مستوى الوطن لا ينسب إليها المشاركة في، والإستفادة من، عمليات فساد على مستوى الوطن، حتى من كان منها أو ما زال، مشاركاً في تنظيم سياسي تثار شكوك حول مسيرته.
قرار سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية شمل رئيس المحكمة الشرعية السنية العليا الدكتور الشيخ محمد أحمد عساف، مفتي طرابلس الشيخ محمد محمد طارق إمام، مفتي عكار الشيخ زيد محمد بكار زكريا، النقيب المحامي محمد خالد المراد، القاضي أياد محمود بردان، الدكتور محمود شحاذي صميلي، المحامي احمد رضوان وهبه، الأستاذ كامل إبراهيم دمياطي.
بالمقابل، ببيروت وحدها تسرب عبر الإنتخابات إلى الشرعي الأعلى 3 ممثلين “لجمعيات ملتبسة” بالتعاون مع قوى إنتخابية مزدوجة الولاء لنظامي الأسد والولي الفقيه، أما في الشمال، وتحديداً في محيط طرابلس والقطاع المسلم السني من الكورة، فلدينا 5 قوى سورية سلفية-تكفيرية-إرهابية متخفية بأسماء جمعيات لبنانية تزعم أنها تعمل مع النازحين السوريين وقوى سياسية لبنانية مزدوجة الولاء وبعضها يتخفى بأسماء منظمات دولية غير حكومية INGO تؤمّن وصول الأموال من مصادر خارجية إلى أتباعها اللبنانيين.
هذا غيض من فيض الإختراق الهائل للبيئة السنية، وهو ما يؤمل أن يتصدى له المجلس الشرعي، مع أنه ليس من إختصاصه أصلاً، برعاية الشريحة النقية التي عينّها سماحة المفتي دريان، وبالتعاون مع بعض الشخصيات السنية المخلصة غير الملوثة بعلاقات فساد مع من يبيع الطائفة والوطن … لقاء بدل.
وفي جولة على “أطلال قلاع” البيئة السنية حيث يلتقي قدامى المحاربين الذين عايشوا مسار إنحدار وتشتت الطائفة السنية يتردد حديث عن “ضرورة إسترجاع كرامة موقع الإفتاء الذي أهدرته “غلمانية السياسة السنية” قبل نحو 10 سنوات أمام مدخل مسجد الخاشقجي في بيروت حيث تعرض بعض بلطجية الشوارع لمقام مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني بالشتم والرجم والتدافع وفيما وقف أحد غلمان السياسة السنية يتابع المشهد”.
كان المفتي قباني قد حاول إمامة الصلاة في مسجد الخاشقجي عن روح التلميذ الشهيد محمد الشعار الذي قتل في عملية التفجير الإرهابي التي إستهدفت الوزير السابق محمد شطح ومن صودف وجوده في موقع الهجوم الغادر قبل نحو عشر سنوات، وكان الشعار قد ظهر في صورة مع أصدقائه الثلاثة، وخلفهم السيارة المفخخة قبل الإنفجار بلحظات.
منع المفتي قباني من إمامة الصلاة، وقابلته مجموعة ليست من رواد المسجد بهتاف “لا إله إلا الله والمفتي عدو الله”، تأزم الوضع في الباحة الخارجية للمسجد، خصوصاً مع تعثّر محاولة إخراج المفتي من داخل المسجد. ولكن بعد أن بدأت الصلاة بإمامة شيخ آخر هدأ الوضع وأكملت الصلاة، رغم خروج البعض ممتعضين من وجود المفتي في الداخل.
حوصر المفتي في المسجد حتى بعد إنتهاء الصلاة وإخراج الشهيد للدفن، وذكرت جريدة النهار أنه “بعد وساطات كثيرة وتدخلات، حضرت مجموعة من “القوة الضاربة” في قوى الأمن الداخلي وأخرجت المفتي قباني وشيخاً آخر من المسجد إلى آلية تابعة لها، بعد نحو ساعة من انتهاء الصلاة. وحصل تدافع من قبل المتجمهرين خارج المسجد في لحظة خروج المفتي…”
مجموعة الأوباش كالت الشتائم لسماحة المفتي وحاولت الوصول إليه لكن القوة الضاربة حالت دون ذلك، علماً بأن المفتي تعرض للرجم، وأكثر… مما لا يتيح مقام موقع المفتي وأدبيات الحياة ذكره.
يعتقد كثر من مسنّي السنة أن ذلك التطاول على مقام الإفتاء كان بداية حقبة إدارة الغلمان لشؤون الطائفة إضافة إلى زج جمهور حركة 14 آذار، بمحاولة الهجوم على السراي الكبير، أرفع موقع سياسي سني، إستجابة لهتاف “يا شباب ويا صبايا … يلا يلا على السرايا”.
وكان ذلك الأداء المخزي هو المرة الوحيدة التي تم فيها هجوم من جمهور تحالف سياسي على مقر رئاسة الحكومة، وهو أرفع موقع سني في الدولة، كما كانت إهانة مقام المفتي الوحيدة في تاريخ السنة بلبنان والتي لم يسجل مثيل لها حتى في حقبة الإحتلال الفرنسي.
أي خطة تعافٍ لإستعادة موقع الطائفة السنية بين مكونات لبنان يجب أن تبدأ من إنتشال كرامة موقع الإفتاء وموقع السراي الكبير من الحفرة التي تركها فيها حكم الغلمان.
محمد سلام - هنا لبنان