"التيار" و"الحزب" محكومان بالنجاح وإلّا!
يخوض «حزب الله» والتيار الوطني الحر، الحوار البعيد من الأضواء الكاشفة، بالجدية القصوى والتكتم على التفاصيل، خصوصا انه يمثل الفرصة الأكثر واقعية لكسر المراوحة الراهنة. ولكن ما هي التحديات التي تواجهه وماذا عن احتمالات التغلب عليها؟
صحيح أنّ مواد النقاش بين التيار والحزب معقدة والتباينات في شأنها واسعة، الا ان هناك شعورا لدى الطرفين بأنهما محكومان بالنجاح مهما طال البحث والوقت، تحت طائلة تحمل التبعات والتداعيات سواء على العلاقة الثنائية او على الملفات المطروحة.
والمعوّلون كثيرا على هذا الحوار ينطلقون اولاً من كونه الممر الذي قد يفضي الى مغادرة النفق السياسي – الرئاسي خصوصاً انّ يد جان إيف لودريان وحدها لا تصفق وتحتاج إلى رافد داخلي، وثانياً من ان هذه المحاولة للتفاهم هي الوسيلة الممكنة لإنقاذ التحالف بين الطرفين وإعادة تفعيله بعد دخوله في مرحلة ضمور نتيجة تفاقم الخلافات أخيراً.
يعرف الحزب والتيار جيدا انّ اي اتفاق جديد لا يمكن أن يختزل الآخرين ولا ان يتجاوزهم، خصوصاً ان اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني يحتاجان الى غطاء تشريعي من مجلس النواب الذي لا يملك فيه اي طرف اكثرية مقررة.
ولكن الأكيد ان الاتفاق، اذا حصل، سيكون كناية عن حجر زاوية يمكن التأسيس عليه والانطلاق منه لبناء اكثرية وازنة تستطيع تحقيق خرق واسع في جدار الازمة.
ووسط المأزق الحالي المقفل ورفض قوى المعارضة مبدأ الحوار عموماً، ومع «حزب الله» خصوصا، يبدو التيار الأقدر على محاورته وكسر حدة الاصطفاف السياسي وما أفرزه من قطيعة تمنع إنجاز اي من الاستحقاقات الحيوية وفي طليعتها الانتخابات الرئاسية.
ويسعى الحوار مع الحزب الى بلورة تعريف مشترك للامركزية يوفّق بين مقاربتي الجانبين لها، إضافة إلى تحديد مساحتها الجغرافية (قضاء، محافظة…) وحدود الاستقلالية عن المركز، واختصاصات الوحدات المناطقية المفترضة.
واذا كان كل من الحزب والتيار يدرك ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتقه و»إلزامية» التفاهم في ظل غياب البدائل عنه، الا ان ذلك لا يقلّل من شأن الصعوبات التي تعترض حوارهما، لا سيما بالنسبة إلى ترسيم حدود اللامركزية الموسعة التي يريدها التيار إدارية ومالية على حد سواء فيما يتحسّس الحزب حيال بعدها المالي خشية من تداعياته المحتملة على وحدة البلد، لا سيما في ظل تهديد مشاريع التفتيت للمنطقة.
لكن مصدراً واسع الاطلاع في التيار يعتبر ان لا معنى ولا قيمة للامركزية الادارية الموسعة ما لم تكن مالية أيضا، معتبرا ان هناك تلازما عضويا بين هذين المسارين ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر.
ويلفت المصدر الى انه ليس بالإمكان اصلاً تطبيق اللامركزية الادارية و»تسييلها» من دون قدرات مالية ذاتية، مشددا على أن هذا الطرح «ينسجم مع جوهر ما ورد في اتفاق الطائف ويندرج تحت سقفه الذي نحرص على عدم تجاوزه، خلافاً للاجتهادات والتفسيرات التي تفترض ان الربط بين «الادارية» و»المالية» هو انتهاك له وانقلاب عليه».
ويعتبر المصدر ان الحزب هو في حد ذاته صاحب تجربة على مستوى اللامركزية التي يعتمدها في مناطق نفوذه، عبر الخدمات الصحية والتربوية والاجتماعية والانمائية التي يمنحها عبر مؤسساته، «وبالتالي لا سبب للقلق من تعميم فحوى هذه التجربة على المناطق الأخرى بعد وضع التشريعات اللازمة».
ويشير المصدر الى ان سليمان فرنجية ليس أقوى من ميشال عون، الذي وعلى رغم ذلك لم يستطع تحقيق ما كان يطمح اليه من اصلاحات بسبب التوازنات السياسية المعروفة وتركيبة النظام. «لذا، فإنّ من يريد إنجاح فرنجية، وليس فقط انتخابه، عليه ان يتجاوب مع طرح التيار الذي من شأنه ان يسهل مهمة اي رئيس مقبل للجمهورية».
ويشدد المصدر على انه عند إقرار اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني، لا يعود اسم الرئيس مشكلة، «لأنّ جزءا حيويا من المطلوب منه يكون قد تحقق اساسا قبل وصوله، وعندها تصبح هويته ثانوية الى حد ما».
ويؤكد المصدر انه في حال التوافق يجب أن يتم في جلسة واحدة لمجلس النواب إقرار القوانين المرتبطة باللامركزية والصندوق وانتخاب رئيس الجمهورية، معتبراً انّ السلة المتكاملة هي ضمانة للجميع.
ويلفت المصدر الى ان حوار التيار – الحزب يخوض سباقاً مع الوقت، «إذ ان لبنان والمنطقة يقيمان فوق فوهة بركان ولا احد يعلم ما الذي يمكن أن يحصل غداً، ولذلك ينبغي التوصل إلى نتائج إيجابية قبل أن يطرأ اي تطور داخلي او إقليمي يعيد بعثرة الأوراق ويخربط الأمور».
عماد مرمل - الجمهورية