طبول الحرب تُقرع برّاً – بحراً – جوّاً ولبنان مهتم “بتقييد” اليونيفيل
طبول الحرب تقرع. أميركا تزنّر الحدود العراقية السورية فتقطع بدعم تركي طريق أسلحة إيران براً إلى سوريا ولبنان. إسرائيل تقصف أيّ سلاح إيراني يصل جوّاً أو بحراً إلى سوريا، ومنها إلى لبنان، وتغتال، كما حصل قبل يومين، مهندساً عسكرياً إيرانياً يعمل ضمن المركز السوري للأبحاث العلمية Syrian Scientific Research Center في تطوير أسلحة عسكرية وبيولوجية. ودولة لبنان العليّة مهتمة بتجريد قوة اليونيفيل في الجنوب من صلاحية التحرك في منطقة عملياتها من دون مرافقة لبنانية.
في مخيم عين الحلوة، لم تقع إشتباكات بين قوى فلسطينية متناحرة، ولا بين قوى فلسطينية وفصائل إسلامية، بل بين منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بحركة فتح ومجموعات إرهابية إيرانية تطلق على نفسها أسماء إسلاموية، ما يسيء إلى الإسلام والهوية الوطنية الفلسطينية والإنتماء العربي لفلسطين في آن.
الإشتباكات القاتلة في عين الحلوة لم تتوقف بموجب أي إتفاقية، بل توقفت لأنّ الإرهاب الإيراني عندما حوصرت جيوبه هدّد بقصف مدينة صيدا، ما حرّك وجهاء المدينة الحبيبة للطلب من فتح وقف الهجوم على الإرهابيين الإيرانيين الذين كانوا على مشارف السقوط تفادياً لتمادي جرائمهم بحيث تستهدف نيرانهم القاتلة المدنيين اللبنانيين في مدينة صيدا المكتظة.
وكل من يتحدث عن هدنة ومهلة زمنية محدّدة لتسليم متهمين بقتل أبو أشرف العرموشي هو لا يصدق ما يقوله، بل يعتبره لزوم التهدئة على أمل حصول معجزة تنهي العقدة المركزية للخلاف وهي إشتراط فتح تسليم الإرهابي بلال بدر ومعه قادة ما يسمى بالفصائل الإسلامية جميعها التي إفتعلت الإشتباك وشاركت فيه.
السلطة الوطنية الفلسطينية كانت قد أعلنت أنّ إغتيال العرموشي قد “تجاوز كل الخطوط الحمر” ما يعني إستحالة التعايش مع الإرهابيين الإيرانيين الذين يسعون لضرب الهوية الوطنية والإنتماء القومي لمنظمة التحرير وفتح، بل للقضية الفلسطينية عموماً.
وليس سرّاً أنّ السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير وحركة فتح كانت قد أبلغت السلطة اللبنانية بإستعدادها تسليم سلاح المخيمات، في ما يبدو أنّه حركة إستباقية لتسليط الضوء على مضار القواعد العسكرية التابعة لنظام الأسد وإيران، وتحديداً الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة وتبرير المطالبة بتجريدها من سلاحها وتسليم قواعدها غير الشرعية في سهل البقاع المتواصلة بأنفاق مع الأراضي السورية تستخدم لتمرير أسلحة لتنظيمات إرهابية في لبنان..
هنا لبّ المشكلة محليا، معطوفاً على الحصار الأميركي بتنسيق تركي – إسرائيلي – عربي وقطع طريق إيران البرّي إلى بيروت يحرم حزب السلاح الفارسي من مصادر تسليحه ما يعتبر، في نظر معسكر ما يعرف بمحور الممانعة، محاولة لتضييق خيارات وتجفيف مستودعات حزب حسن نصر الله تمهيداً لهجوم إسرائيلي يُتخوف منه.
من جهته ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ فصائل «الجيش الوطني»، وهو فصيل سوري تابع لتركيا، شرعت برفع أسماء مقاتلين، تمهيداً لنقلهم إلى قاعدة «التنف» التي تتمركز ضمنها قوات «التحالف الدولي»، لقتال الميليشيات الإيرانية في شرق سوريا، وقطع طريق طهران – بيروت والسيطرة على الحدود العراقية – السورية.
وأضاف المرصد أنّ “الأستخبارات التركية ستشرف على عمليات اختبار المقاتلين صحياً، وإعدادهم بدنياً ونفسياً، قبل نقلهم إلى قاعدة «التنف»”.
بعد أن “يوقع العنصر على عقد لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد، يحصل مقابله على مرتب شهري بمئات الدولارات”.
التطور البرّي الذي أقفل الحدود العراقية قاطعاً طريق إيران إلى سوريا ولبنان، معطوفاً على تطوّر بحري في الخليج والبحر الأحمر تمثل بوصول “أكثر من 3 آلاف عنصر من البحرية ومشاة البحرية الأميركية إلى الشرق الأوسط في 6 آب الجاري كجزء من خطة وزارة الدفاع المعلنة”، وفق ما أعلنته قيادة الأسطول الأميركي الخامس، ما كثّف تجمع الغيوم الداكنة في سماء الشرق الأوسط.
وتضمّ القوة “السفينة الهجومية البرمائية (يو أس أس باتان) وسفينة الإنزال (يو أس أس كارتر هول)، دخلتا البحر الأحمر بعد عبورهما البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس”، وفق بيان قيادة الأسطول الخامس الذي أوضح أنّ السفينة البرمائية “يمكنها أن تحمل أكثر من 20 طائرة”.
وتؤمّن هذه التعزيزات “أصولاً جوية وبحرية إضافية، بالإضافة إلى المزيد من مشاة البحرية والبحارة الأميركيين، ممّا يوفر قدراً أكبر من المرونة والقدرة البحرية للأسطول الخامس الأمريكي “في منطقة الشرق الأوسط … لردع النشاط المزعزع للاستقرار، وتخفيف التوترات الإقليمية الناجمة عن مضايقات إيران”، وفقاً لما أعلنه مسؤول أميركي رفيع في قيادة الأسطول الخامس.
لبنانياً تهتمّ السلطة، إضافة إلى المطالبة “بإظهار” حدودنا المرسّمة مع فلسطين المحتلة، بالإستعداد لمواكبة اجتماع مجلس الأمن الدولي بعد 3 أسابيع لبحث التمديد لمهمة قوة اليونيفيل في الجنوب، وتركّز الخارجية اللبنانية على محاولة تجريد القوة الدولية من إمتياز حصلت عليه العام الماضي وهو يسمح لها “بحرية الحركة أحياناً من دون مشاركة الجيش في منطقة عملياتها”.
لن يكون سهلاً على لبنان أن يجرّد اليونيفيل من إمتياز حصلت عليه العام الماضي بإجماع مجلس الأمن الدولي ومن دون أيّ فيتو من أيّ من الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس.
فهل سيؤدي الطلب اللبناني، الذي يرجّح أن يكون حزب إيران المسلح محرّكه، إلى مواجهة تهديد من إحدى الدول العظمى بسحب اليونيفيل من الجنوب؟
محمد سلام - هنا لبنان