عودة بري والحريري تحرك الجمود الحكومي وبعبدا غير متشائمة
الراعي يدعو ممثلي تفاهم معراب لاجتماع في بكركي يعالج التدهور
"الناتو" متوجس من اتفاقات احادية بين واشنطن وموسكـــــو

المركزية- مع انكشاف المشهد الداخلي على رياح توتر العلاقات السياسية المسيحية-المسيحية، وبلوغها حدا لم يعد جائزا تركه من دون معالجات جذرية، بعدما اصابت شظايا "انفجار" نشر ورقة التفاهم  العلاقات في مقتل، واعادت عملية التشكيل الى بداياتها، تترقب الساحة السياسية عودة الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كما وزير الخارجية جبران باسيل الى بيروت خلال الساعات المقبلة، علّها تسهم في صبّ الماء البارد على نيران الازمة الحارقة تمهيدا لاعادة الدينامية الى الملف الحكومي المشلول.

اجتماع بكركي: وفي انتظار المبادرات التهدوية السياسية، تتحرك بكركي التي لطالما لعبت دورا في تقريب المسافات وتوحيد الجبهة المسيحية على هذا الخط قريبا، فقد علمت "المركزية" انها لن تقف مكتوفة اليدين امام انزلاق الوضع المسيحي نحو الاسوأ، ولن تسمح بعودة عقارب الساعة الى ما قبل 18 كانون الثاني 2016 ، اذ سيُبادر البطريرك فور عودته من روما ظهر غدٍ الاحد حيث يشارك في الصلاة الى جانب الحبر الاعظم وبطاركة الشرق الاوسط في مدينة باري (شرق ايطاليا) من اجل السلام في المنطقة، الى دعوة ممثلين (نواب او وزراء) من طرفي التفاهم الى الاجتماع في الصرح البطريركي لترطيب الاجواء ومحاولة معالجة ما حصل. وافادت المعلومات "ان الراعي غير راضٍ عمّا يحصل بين الاخوة، واثار الموضوع في الاجتماع الشهري للمطارنة الموارنة الذي عُقد منذ ايام من دون ان يرد في البيان الذي صدر اثر الاجتماع"، واوضحت "اننا صمنا وصلّينا من اجل طي صفحة الماضي الاليم بين "التيار" و"القوات" وتحقيق المصالحة ثم توقيع "تفاهم معراب"، لذلك فان سيّد بكركي لن يرضى بعودة الامور الى مربّعها الاول، وبالتالي عودة التشنّج والاحتقان بين المسيحيين"، مشددةً على "ان التنافس على خدمة الوطن والتعاون شيء ورفض الاخرين شيء اخر."

التهدئة انتهت: وكانت جبهة السجالات المسيحية شهدت مزيدا من مواقف التصعيد فأعلن وزير الصحة ونائب رئيس الحكومة غسان حاصباني عبر "تويتر"، ان التهدئة الإعلامية بين القوات اللبنانية و التيار الوطني الحر إنتهت بعد الحلقة المسجلة للوزير جبران باسيل على "mtv" والمواقف التي اطلقها حيث تم الإفصاح عن تفاهم معراب بشكل ضبابي. واشار الى ان القوات اللبنانية مؤمنة بالدولة ونتمنى العمل بشكل شفاف من أجل الإنتاجية ومحاربة الفساد، سائلا: "هل يمكن تصور وزير داخل مجلس الوزراء لا ينطق بكلمة طوال فترة سنة ونصف؟ لماذا وضع وزراء بشكل عددي من دون دور فعلي وتحمل مسؤوليات؟ النقاش من أجل المشاركة الحقيقية في السلطة التنفيذية".

بعبدا غير قلقة: لكن التأزم بين القوات والتيار لا يقلق على ما يبدو قصر بعبدا اذ ان مصادر سياسية مطلعة على الاجواء المرافقة لتشكيل الحكومة قالت لـ"المركزية" ان حقيقة الامور لا تعكس ما تخلفه ظواهرها من تعقيدات هي في الحقيقة مجرد سقوف عالية ومطالب ترافق في العادة كل تشكيلة حكومية في لبنان. وقالت ان رئيس الجمهورية يرى ان مسار التشكيل الذي يستعيد حيويته الاسبوع المقبل لا بد وان يبلغ خواتيمه قريبا، خصوصا ان لبنان الرسمي نجح الى حد بعيد في تحييد نفسه عن سياسة المحاور وتجنب تداعيات ما يجري في المنطقة في ظل سقف دولي يوفر له الرعاية والحماية ودعماً غير محدود للجيش اللبناني والمؤسسات الامنية، على ما كررته السفيرة الاميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد امس على مسامع الرئيس عون الذي وصف اللقاء بالجيد جدا نظراً لما عكسته الديبلوماسية الاميركية من ثقة عارمة في المؤسسات العسكرية اللبنانية وخصوصا الجيش.

اطلالة نصرالله: في الاثناء، تتجه الانظار الى موقف الثنائي الشيعي مما يدور عمليا في مربع التشكيل، بعد تلويح الوزير علي حسن خليل امس الاول باعادة الحسابات في الحصص اذا استمرت العرقلة والتخلي عن سياسة التنازلات التي اعتمدت حتى الساعة. وتتوقع اوساط متابعة ان تشكل اطلالة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله لمناسبة ذكرى حرب تموز في 12 الجاري مناسبة للاضاءة على مواقف الحزب من المستجدات في الملف الحكومي وعلى صعيد تطورات المنطقة وتطورات الازمة السورية، عشية قمة هلسنكي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي دونالد ترامب الاثنين 16 الجاري.

وفي السياق، اشار رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الى أن "الحكومة التي تصلح في هذه المرحلة لإدارة شأن لبنان بالطريقة التي تحفظ سلمه الأهلي واستقراره الداخلي وتوفر الحد الأدنى من المشاركة في التصدي للمخاطر التي تتهدد هذا البلد، هي حكومة جامعة تتمثل فيها مختلف القوى السياسية بأحجامها التي أنتجتها وأفرزتها نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة."

خليل...ليسوا على قدر المسؤولية: من جهته، قال الوزير خليل، اننا لا نريد الدخول بمناورات سياسية او حسابات قد تعيق تشكيل الحكومة الجديد،...ان ما نشهده ونسمعه ونراه وما يحكى في العلن وفي التسريبات الخاصة لا يوحي ان جميع المعنيين في هذه القضية هم على قدر المسؤولية لتجاوز هذه الازمة وهذه المحنة وعلينا ان نعرف وليس على قاعدة التهويل انما على قاعدة الاحساس بالمسؤولية، بأن ضياع الوقت لم يعد مسموحا وان هناك مشكلا حقيقيا بحاجة الى قيادة سياسية في البلد تضع الاصبع على الجرح وتتخذ القرارات وتعمل على حل المسائل وترسم الخطط..."

حرب: في غضون ذلك، علق النائب السابق بطرس حرب على نشر وثيقة تفاهم معراب، فاعتبر عبر "المركزية" أنه يشكل صفقة سياسية يتوزع فيها الحزبان كل مغانم ومراكز السلطة العائدة إلى المسيحيين في الدولة، إضافة إلى الادارات والوظائف العامة في إطار صفقة مقابل منافع سياسية، وهو ما أكد لنا أن هذا الاتفاق هدف إلى إلغاء المسيحيين الآخرين والاستئثار بكل منافع السلطة، بما يتعارض مع ما يعلنه الطرفان عن كونهما ضد الالغاء والعزل، بدليل أن صراعهما يؤكد أن التيار الوطني الحر، وبعد وصول العماد عون إلى سدة الرئاسة، يحاول إلغاء القوات والاتفاق الذي أبرم معها"، مشيرا إلى أن مفهوم رئيس التيار لهذا التفاهم يكمن في أن توافق القوات على كل الصفقات من دون اعتراض، تحت طائلة اعتبار أي اعتراض خروجا على مبدأ دعم العهد، وكأن هذه الصفقات تشكل أحدى صفقات العهد، وهو ما نتمنى أن يرفضه رئيس الجمهورية".   

عودة نازحين: من جهة ثانية، وفي سياق قوافل عودة النازحين السوريين، غادرت دفعة ثانية من النازحين بلدة عرسال ابتداءً من السابعة صباحا، عبر حاجز وادي حميد في اتجاه الجرود، حيث غادر 400 شخص مسجلين لدى لوائح الامن العام اللبناني في اتجاه بلدات فليطا، رأس المعرة، حوش عرب وقارا. وبالتزامن مع المغادرة، قام الصليب الأحمر اللبناني وفرق الاسعاف والطوارىء بالإجراءات اللوجستية وتقديم المساعدة الطبية اللازمة من خلال طواقم الاسعاف وعيادة طبية متنقلة موجودة في المكان بمواكبة امنية من الجيش اللبناني.

"الناتو" قلق: على الضفة الخارجية، وفيما يشارك الرئيس الاميركي في اعمال قمة الناتو في بروكسل ويزور بريطانيا قبل توجهه إلى هلسنكي للقاء نظيره الروسي في 16 الجاري، اعرب حلف "الناتو"عن قلقه إزاء احتمال توصل الرئيسين الروسي والأميركي خلال قمتهما المرتقبة إلى اتفاقات لا تأخذ مصالح الحلف في الاعتبار. وقال منسق الحكومة الألمانية لشؤون التعاون عبر الأطلسي بيتر باير "ان الدول الأعضاء في الناتو لم يتم إشراكها في التحضير للقمة الروسية - الأميركية وتحديد اجندتها"، مضيفا "ان هذا الوضع يشبه ما احاط بلقاء ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون في سنغافورة في 12 حزيران الماضي.