بري رئيسا لولاية سادسـة: نرفض التوطين مقابـل مساعدات او صفقــات
الفرزلي يستعيد موقعه و"القوات" خارج هيئة المكتب واسـتشارات التكليف غدا
الـ1559 امام مجلس الامن وغوتيريس لعون: الاستراتيجية لحصرية السلاح

المركزية- مع أن الهوية السياسية والشخصية لرئاسة المجلس النيابي لم تشكل مفاجأة، باعتبار ان توزع القوى التي افرزتها الانتخابات النيابية "النسبية"، على رغم الوجوه الجديدة، لم يحمل تعديلا جوهريا من شأنه توفيرالقدرة على قلب المعادلات المتحكمة بالثوابت في بعض المواقع في الدولة، فإن ذلك لم يقلل من حجم الأبعاد التي اكتسبتها الجلسة البرلمانية الاولى بما تضمنت من وقائع ورسائل يمكن من خلالها رسم تصور اولي لصورة المرحلة المقبلة.

 ذلك ان في قراءة اولية للارقام التي خرجت بها مع اعادة انتخاب رئيس مجلس النواب نبيه بري، والنائب ايلي الفرزلي نائبا للرئيس والنائبين الان عون ومروان حمادة اميني سر، يمكن استنتاج الخلاصات الاتية:

-ارتفاع عدد النواب المقترعين لمصلحة الرئيس بري من 90 الى 98، وتجديد الثقة البرلمانية به ليبقى نفسه الخلف والسلف على مدى ست ولايات رئاسية مجلسية متتالية، على رغم الاصوات التي ارتفعت في مرحلة سابقة مهددة ومتوعدة بانقلاب يحجب عنه لقب "دولة الرئيس".

- عدم التزام بعض اعضاء الكتل النيابية بقراراتها الرسمية لجهة التصويت لنائب رئيس المجلس، اذ اظهرت الارقام ان نوابا من كتلة المستقبل مثلا لم يصوتوا للنائب انيس نصّار باعتبار ان جمع عدد اعضاء نواب كتلتي "الجمهورية القوية" 15 و "المستقبل" 20 ، من دون النائب نهاد المشنوق الذي غادر الجلسة، يفترض ان يمنح نصار 35 صوتا، فيما حصل على 32، مع ارجحية تصويت نواب من اللقاء الديموقراطي لمصلحته.

- اقصاء حزب القوات اللبنانية عن اي موقع مؤثر من خلال إخراجها من امانة السر، حيث حل النائب آلان عون مكان النائب انطوان زهرا على رغم ترشيح النائب فادي سعد، حيث اعلن الرئيس بري عند اعلان الترشيحات اسماء النواب عون ومروان حمادة واسطفان الدويهي.

- توزيع اصوات كتلة "لبنان القوي" مناصفة تقريبا بين الرئيس بري والاوراق البيضاء، نحو  12 نائبا وفق التقديرات الاولية. ففي عملية احتساب للاصوات التي نالها بري والبالغة 98 صوتا من اصل 128 نائبا "وللاقتراع الابيض" البالغ 29 ورقة، يرجح ان تكون الاوراق البيضاء توزعت كالاتي: نواب "الجمهورية القوية" 14 نائبا، باستثناء النائب سيزار المعلوف الذي صوتّ للرئيس بري، كتلة نواب الكتائب ،3 نواب، ما يجعل العدد الاجمالي 17 صوتا، فيبقى والحال هذه 12 صوتا، الا اذا كان ثمة نواب مستقلون اقترعوا بدورهم بالابيض.

- امتناع وزير الداخلية النائب نهاد المشنوق عن التصويت للفرزلي ومغادرة الجلسة، قائلا "بعد شوي بتعرفو ليش غادرت"، بعدما كان ابدى مساء امتعاضه من تبلغه قرار كتلة "المستقبل" فصل النيابة عن الوزارة عبر الاعلام.

ترميم 8 اذار؟ وفي السياق، رأت مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" محاولة تبذلها جهة معينة، والارجح ان يكون خلفها حزب الله، من اجل اعادة ترميم فريق 8 آذار من خلال وصل ما انقطع بين التيار الوطني الحر ممثلا برئيسه الوزير جبران باسيل والرئيس بري، لا سيما ان ميزان القوى في البرلمان يبدو ينحو في اتجاه هذا المحور وفق ما اظهر شبه الاجماع على بري وتأييد الجميع باستثناء القوات والمستقبل ترشيح الفرزلي بما يمثل في الحقبة السابقة، على رغم ان تكتل لبنان القوي كان بداية يمني النفس بأن يكون الموقع من حصته.

عزل القوات: من جهتها، قالت اوساط قواتية لـ"المركزية" انها تشتم رائحة اقصاء ومحاولة لتدفيع الحزب ثمن موقفه من عدم انتخاب بري، بإخراجه من امانة السر، كما تبين من مجريات جلسة اليوم التي اعدّت لها "تسويات آخر الليل"، ومخطط لعزل القوات عن نيابة رئاسة المجلس وهيئة مكتب مجلس النواب، وايضا نيابة رئاسة الحكومة، اذا لم يتم استدراك الامر. واذ لفتت الى ان مفاتيح التأليف موجودة في يد الرئيس الحريري الذي يتحكم الى حد بعيد بمفاصل اللعبة والتركيبة الحكومية، اكدت ضرورة التنبه الى ما يجري ورفض أي خلل في التوازن السيادي.

هيئة المكتب: الى ذلك وبعيد انتخاب بري رئيسا والفرزلي نائبا له، تم انتخاب النائبين الان عون (84 صوتا) ومروان حمادة (76 صوتا) كأميني سر للمجلس النيابي، مقابل 42 صوتا فقط نالها النائب اسطفان للدويهي. كما فاز النواب سمير الجسر وهاغوب بقردونيان وميشال موسى، بالتزكية كمفوضين لهيئة مكتب المجلس، ما يعني "خروج" القوات اللبنانية من الهيئة التي كانت حاضرة فيها طوال السنوات الماضية.

مواجهة التوطين: وفي أول مواقفه كرئيس لبرلمان 2018، حدد بري أبرز مهام المجلس الجديد، فشدد على ان "اهم واجب للمجلس النيابي سيكون دائماً حماية الدستور كعقد دستوري واجتماعي بين اللبنانيين، وخصوصا حماية مقدمة الدستور المتضمنة لصيغة العيش المشترك ورفض تمرير اي مشروع يتصل بالتوطين او تمرير اي مشاريع او خطط ذات طابع سياسي مقابل مساعدات مالية او صفقات اقتصادية". واذ اشار الى ان "علينا التزام المشاورات النيابية لانجاز الاستحقاق المتمثل بإختيار رئيس لحكومة لبنان وتكليفه تشكيل الحكومة وصولاً للثقة بأقصى سرعة ممكنة"، أعلن "ان مجلسنا النيابي سيكون امام مهام تشريعية أساسية أبرزها اقرار اقتراح قانون اللامركزية الادارية وقانون انشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد، والانصراف الى انجاز كل ما يتصل بقطاع النفط"، لافتا الى ان "مجلس النواب سيتشكل كحصن على حدودنا السيادية البرية والبحرية وايضا الجوية في الدفاع والرد الوطني دولة وشعبا وجيشا ومقاومة على عدوانية اسرائيل وانتهاكاتها لحدودنا وأجوائنا ومياهنا الاقليمية، لخط الهدنة بين لبنان والاراضي الفلسطينية المحتلة الخاضع لمراقبة قوات المراقبة ًالدولية (OGL) واستكمال تنفيذ القرار 1701".

الاستشارات غدا: وفور انتهاء العملية الانتخابية وتلقي التهنئة توجّه كل من بري والفرزلي والاعضاء المنتخبون الى قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وبعد مشاورات أعلن رئيس المجلس ان "بعد التداول مع فخامة الرئيس تقرر الاسراع والبدء بالاستشارات غداً لتسمية رئيس الحكومة".وأفيد ان الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية ستجري وليوم واحد فتبدأ من العاشرة صباح غد الى ما قبل موعد الافطار. 

غوتيريش: وبعيدا من الحلبة المجلسية، يعقد مجلس الامن الدولي جلسة غدا يناقش فيها التقرير المرفوع من الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش حول مدى تطبيق لبنان القرار 1559. وكان غوتيريش دعا في تقرير قدمه الى المجلس في هذا الشأن، الرئيس عون الى التحرّك قدماً بالدعوة الى حوار وطني حول الاستراتيجية الدفاعية بما ينسجم مع واجبات لبنان الدولية، تعالج الحاجة إلى تحقيق حصرية امتلاك الدولة السلاح واستخدامه في البلاد".

قمة ماكرون – بوتين: دولياً، تتجه الانظار الى سان بطرسبورغ التي يصلها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون غداً في زيارة رسمية تستمر يومين، حيث تحط الازمات الدولية رحالها على طاولة المحادثات التي تجمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين. وتشير اوساط دبلوماسية فرنسية لـ"المركزية" الى "ان الملف الايراني سيكون طبقاً رئيسياً عقب الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي، انطلاقاً من رؤيتهما المشتركة حول ضرورة التوصل الى اتفاق نووي جديد وعدم "مسايرة اميركا" بالتفرّد بالقرارات، مروراً بالملف السوري حيث سيحثّ ماكرون بوتين على الضغط على النظام للسير بالحل السياسي، وصولاً الى الملف اللبناني بدعوتهما الى ضرورة المحافظة على استقراره واحترام سياسة "النأي بالنفس".