هدوء ما قبل الاستحقاقات: مشاورات خلف الكواليس تمهّد لانتقال سياسي سريع
عون مطمئن : لبنان على الحياد والنأي بالنفس يجنب لبنــــــان الازمات
ترقب للقاء بري- باسيل وحظوظ الفرزلي لنيابة رئاسة المجلس ترتفـــــع
المركزية- على قارب الهدوء السياسي الذي تفرضه حركة المشاورات خلف الكواليس والاتصالات بين القوى السياسية، تعبر الساحة اللبنانية من ضفة مرحلة الاستحقاق الانتخابي بما افرزته نتائج صناديقها الى مقلب الانطلاقة الرسمية للمؤسسات الدستورية المجلسية والحكومية، لترسو يوم الاربعاء المقبل في المرفأ البرلماني لانتخاب رئيس مجلس النواب ونائب رئيس وهيئة مكتب مجلس، وتنطلق في اعقابها استشارات التكليف فتأليف حكومة العهد الاولى، المأمول الا تتقاذفها امواج العراقيل والشروط والمطالب التعجيزية التي تتحكم عادة بمسار تشكيل الحكومات في لبنان.
بيد ان المناخ السياسي العام محليا ودوليا لا يوحي بمنح القوى السياسية اللبنانية هامشا واسعا من المناورة، في ضوء مخاطر وتحديات يدركها هؤلاء، توجب عليهم جميعا دراسة متأنية للواقع والانطلاق في مطالبهم من المعقول والمقبول، تجنبا للسقوط في دوامة حكومة تصريف اعمال تمتد اشهرا وتعوق مسار تقدم الدولة في اتجاه خطوات عملية اصلاحية مطلوبة منها دوليا بإلحاح، ترجمة لمقررات مؤتمرات الدعم الدولي.
عون مطمئن: وفي السياق، ينقل زوار قصر بعبدا عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تفاؤله بالمرحلة المقبلة التي يرفع لها عنوان محاربة الفساد، واطمئنانه الى ان ما يجري في المنطقة من تطورات لن يؤثر على الاستقرار الداخلي، ما دامت الحكومة ملتزمة سياسة النأي بالنفس والحياد عن الصراعات، وهو ما سيتكرر في البيان الوزاري للحكومة التي ستشكل قريبا.
اما الاستراتيجية الدفاعية التي اكد الرئيس عون والرئيس سعد الحريري انها ستوضع على طاولة النقاش بعد الانتخابات، فيوضح الزوار انها ستكون كذلك، لكن بعد التشاور مع القوى السياسية في شأنها.
الثلث المعطل: وليس بعيدا، وفي حين تعرب اوساط سياسية عن اعتقادها بأن حزب الله سيرفع سقف شروطه الى الحد الاعلى في مسار التشكيل ردا على العقوبات الاميركية التي تستهدفه ولن يقبل بعد اليوم بحقائب الا من العيار الثقيل، فهو يريد على الاقل حقيبة سيادية، تناقضها اخرى مطّلعة على ما يدور في الكواليس السياسية وتقول لـ"المركزية" ان مصلحة الحزب تكمن في اعتماد الليونة في التعاطي مع الاستحقاقات اللبنانية الداخلية وتسهيل مسارات التكليف والتأليف من خلال الابتعاد عن فرض الشروط في توزيع الحقائب والاسماء، والاكتفاء بطرح مطالب غير تفجيرية، قطعا لطريق حكومة تصريف اعمال قد تعرضه لمزيد من الاستهداف. وتعرب الاوساط عن اعتقادها ان هذه المصلحة تفرض ايضا على الحزب ان يتلاقى في هذه اللحظة الاقليمية الحرجة مع مقتضيات المرحلة فيسهل ولا يعرقل، ويحفظ ماء الوجه وحسن العلاقات مع القوى السياسية اللبنانية.
لكن ليونة الحزب اذا ما حضرت، فإنها ستقتصر بحسب المصادر على الحقائب ولن تطال شرط المطالبة بالثلث المعطّل الذي يبدو الحزب في وارد العودة اليه لحفظ رأسه في ظل التطورات الدراماتيكية التي لا تصب في مصلحته على المستوى الاقليمي، لا سيما بعد ما افرزته نتائج الانتخابات العراقية. الا ان الجدلية الكبرى تبقى هنا وفق المصادر، في ما اذا كان الرئيس سعد الحريري الذي سلّم بالثلث المعطل للحزب وحلفائه سابقا ونال نصيبه المرّ بفعل هذا التسليم، حينما دخل البيت الابيض رئيس حكومة لبنان وخرج منه رئيس حكومة تصريف اعمال بفعل استقالة "الثلث المعطّل"، سيكون جاهزا لمغامرة من هذا النوع مرة اخرى.
نيابة الرئاسة للفرزلي: في الاثناء، وفي ما تترقب الساحة الداخلية لقاء بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل العائد الى بيروت اليوم، قبل انتهاء مدة ولاية المجلس النيابي الحالي وانطلاق مسار انتخاب الرئيس، وسط مؤشرات ايجابية توحي باعادة المياه الى مجاريها بين الحركة والتيار، بعد الشوائب التي اعترت العلاقات وبلغت حدها، يبدو الاتجاه شبه محسوم في موقع نيابة رئاسة المجلس لشاغله سابقا النائب ايلي الفرزلي، ذلك ان الارقام تشير وفق المعطيات المتوافرة الى انه قد يحصل في نهاية العملية الانتخابية المجلسية على ما يناهز 73 صوتا توفر فوزه تم احصاؤها على النحو الاتي: كتلة "لبنان القوي" (29 نائبا)، الثنائي الشيعي وحلفاؤه (31 نائبا)، تيار المردة وحلفاؤه (7 نواب) كتلة نواب الحزب السوري القومي الإجتماعي (3 نواب) وكتلة الرئيس نجيب ميقاتي (4 نواب) وسيضاف اليهم بعض النواب المستقلين المرجح خروجهم عن كتلهم في هذا الشأن ومنهم احد نواب تكتل "الجمهورية القوية" عن دائرة زحلة الذي جاهر بانتخاب الفرزلي ايا كان موقف الكتلة من الموضوع. في حين ان مرشح حزب القوات اللبنانية النائب انيس نصار يتوقع ان يحصل على 43 صوتا، يتشكلون من كتلة "الجمهورية القوية" وهم (14 من 15 نائبا)، كتلة المستقبل (20 بدلا من 19 بعد انضمام النائب المنتخب هنري شديد اليها) كتلة اللقاء الديمقراطي (9 نواب) ويمكن ان ينضم اليهم نواب مستقلون او من كتل أخرى، لكن العدد، مهما ارتفع لن يتقدم على ما هو في رصيد الفرزلي.
القوات ترد: وسط هذه الاجواء، وفي حين تشير الوقائع والمواقف الى اتجاه العلاقات بين حليفي معراب الى مزيد من السخونة والتأزم، رد مصدر في القوات اللبنانية عبر "المركزية" على ما اعتبره حملة مركّزة على وزير الشؤون الاجتماعية بيار بوعاصي لا سيما من النائب ماريو عون. واذ اكد ان بوعاصي سيعقد مؤتمرا صحافيا يفنّد فيه الادعاءات في حقه ويوضح للرأي العام كل ما يجب ايضاحه، اكد ان اي مسؤولية في مجال ملف عودة النازحين تقع على عاتق مجلس الوزراء مجتمعا وعلى وزارتي الداخلية والخارجية لعدم اتخاذهم اي قرار في هذا الشأن.
لا اعمال ارهابية: امنياً، نفت قيادة الجيش– مديرية التوجيه في بيان ما تتداوله بعض مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الهاتفية من شائعاتٍ حول مخاطر امنية ناجمة عن اعمال إرهابية محتملة، قد تستهدف مراكز تجارية وسياحية وتجمّعات سكانية"، داعيةً المواطنين إلى "عدم الأخذ بها او إطلاقها او تداولها".
ايران تُهدد واوروبا تُطمئن: ايرانياً، وفيما التجاذب سيّد الموقف نووياً بين الولايات المتحدة الاميركية المُنسحبة من الاتفاق من جهة واوروبا الرافضة للقرار الاميركي من جهة ثانية، هدد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيراني، علي اكبر صالحي في مؤتمر صحافي مشترك عقده في طهران مع المفوض الأوروبي للطاقة، ميغيل ارياس كانيتي، الذي يزور إيران حاليا، باستئناف بلاده تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، في حال لم تلتزم اوروبا بتعهداتها بالاتفاق النووي"، في حين اكد كانيتي "ان الأوروبيين سيبقون على التزامهم بالاتفاق طالما التزم الإيرانيون به".
"سائرون" يتصدّر: عراقياً، ومع انتهاء عملية فرز اصوات الناخبين، اعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق ان كتلة رجل الدين البارز مقتدى الصدر "سائرون نحو الاصلاح" فازت بالانتخابات البرلمانية بحصولها على 54 مقعداً من اصل 329 فيما حلّت قائمة ائتلاف "الفتح" بزعامة هادي العامري في المرتبة الثانية وقائمة النصر بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي في المرتبة الثالثة. وتوجّه الصدر الى ناخبيه عبر "تويتر" قائلاً "صوتكم شرف لنا وامانة في اعناقنا. فقد انتصر العراق والإصلاح بأصواتكم".
وفي السياق، اعلن البنتاغون "ان ثقة الولايات المتحدة بالجيش العراقي لا تزال كاملة والعلاقات بين الجانبين لن تتغير، على رغم فوز التيار الصدري الشيعي في الإنتخابات البرلمانية".