استحقاقات ما بعد الانتخابات فـــــي عهدة مشاورات الكواليس
عون يتحدث عن حكومة اكثرية والدستوري يبطل 7 مواد من الموازنة
النكبة تحلّ بالفلسطينيين في يوم افتتاح السفارة الاميركية فــي القدس
المركزية- فيما تعيش الساحة اللبنانية و"كواليسها" مطلع أسبوع إرتداديًا لمشهد نتائج الانتخابات النيابية، رسم الصمت الذي عمّ مختلف الاوساط والكواليس السياسية صورة معبرة عن طبيعة المراجعات والحسابات السياسية الدقيقة التي تجريها كل القوى الداخلية في شأن مشروع المرحلة المقبلة باستحقاقاتها البرلمانية والحكومية المفترض ان تنطلق في 22 او 23 الجاري مع جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس قبل ان ينخرط الجميع في منظومة التكليف والتأليف لحكومة العهد الاولى.
هذا في الداخل، اما في الخارج الاقليمي المشتعل، فمشهدان يرسوان على ضفتي نقيض. اسرائيل تعدّ مراسم الاحتفال بافتتاح السفارة الاميركية الجديدة في القدس الذي انطلق في الرابعة بعد الظهر، على بُعد 6 كيلومترات من المسجد الأقصى، وقد ازدانت شوارع "حي ارنونا" الراقي بالأعلام الأميركية والإسرائيلية، استنادا الى قرار الرئيس دونالد ترامب الغائب عن الحدث شخصيا الا انه ممثل بابنته ايفانكا وصهره جاريد كوشنير وسط معلومات عن اطلالة عبر رابط فيديو، فيما الفلسطينيون يتلقون "صفعة القرن" بحسب الرئيس محمود عباس ويسقط شبانهم قتلى بالعشرات وجرحى بالمئات في مواجهة الجيش الاسرائيلي على الحدود الشرقية لجنوب قطاع غزة، في ما يمكن وصفه بالمجزرة.
مشاورات تحضيرية: ومع بدء مرحلة الكولسة السياسية اللبنانية، قبل نحو تسعة ايام على اول الاستحقاقات الدستورية، انهمكت القوى السياسية من جهة في بوتقة تقويم النتائج والمشاورات الداخلية في اطار سياسة "الثواب والعقاب" والمحاسبة، وقد ظهر منها الى العلن الحساب المستقبلي الذي اقصى مسؤولين في الماكينة الانتخابية واقال اخرين لم يحققوا الهدف الانتخابي "للمستقبل" لاكثر من سبب، فيما بقيت استقالة مدير مكتب الرئيس سعد الحريري بعيدة من الحسابات الانتخابية، ومن جهة اخرى في مشاورات مع سائر الاطراف في محاولة للاتفاق على مشروع المرحلة بكل تحدياتها. وفي السياق، اكدت مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية" ان لا ثوابت لدى اي من الافرقاء حتى الساعة في شأن التسميات، باستثناء حسم الثنائي الشيعي التصويت للرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس وكتلة المستقبل للرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، وكل ما عدا ذلك ما زال خاضعا للمشاورات. فمعظم الاطراف لم تحسم قرارها بين التصويت او الاقتراع الابيض او غيرها من الخيارات المطروحة، على ان تحدد الكتل مواقفها النهائية في اجتماعات تعقدها عشية مواعيد الاستحقاقات.
حكومة أكثرية: وسط هذه الاجواء، لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى استحقاقات كثيرة تنتظر الدولة اللبنانية بمؤسساتها كافة بما فيها مجلس النواب الجديد لتحقيق الانطلاقة التي ينتظرها اللبنانيون في مجالات تحديث الادارة وتأليلها وتأمين الكهرباء وانشاء السدود، وتطوير البنى التحتية فضلا عن الانتقال بالاقتصاد من الريعية الى الانتاجية. أما حكوميا، فأعلن ان "تشكيل المجلس النيابي على هذا النحو يؤمن التوازن الصحيح بين الاكثرية والاقلية وكذلك بين الطوائف"، لافتا الى ان "بموجب القانون السابق كان يتم تشكيل حكومات اتحاد وطني فيما يمكن بموجب القانون الجديد ان تتشكل حكومة اكثرية وبقاء المعارضة خارجها، اذا رغبت".
النزوح في بعبدا: ملف النازحين حضر ايضا خلال استقبال الرئيس عون وفد الكلية الملكية للدراسات الدفاعية في بريطانيا، حيث جدد الرئيس التأكيد على موقفه بالنسبة الى عودة النازحين السوريين الى المناطق السورية الامنة، مستغربا موقف بعض الجهات التي تعرقل هذه العودة او لا تشجع على تحقيقها، رافضا انتظار تحقيق الحل السياسي لاعادة النازحين السوريين الى وطنهم. وقال: ان لبنان يخشى من ان تكون التدابير التي يقترحها المجتمع الدولي عليه لجهة افساح المجال امام عمل الفلسطينيين انطلاقا من عدم وجود اي حل للقضية الفلسطينية، مقدمة للتوطين فيه وهو الذي لم يعد في مقدوره ان يتحمل الكثافة السكانية الوطنية، ما يدفعه الى طلب المساعدة الدولية كي لا ينهار اقتصاديا واجتماعيا او يتعرض للتغيير الديموغرافي.
ضغط كوني: وليس بعيدا، أكد وزير الخارجية جبران باسيل أن هناك ضغطا كونيا يتمثل بإدماج ما يساوي نصف شعبنا وهو عامل مدمر لهذا الكيان ويبين نية بإلغاء التعدد اللبناني لمصلحة الأحادية الأسرائيلية والإلغائية الداعشية. ولفت خلال المؤتمر الدولي الوزاري الثالث لحماية ضحايا أعمال العنف الإثنية والدينية في الشرق الأوسط المنعقد في بروكسل "الى إن إسرائيل مع أحاديتها، لا يمكن أن تكون صورة لعالم السلام؛ كما أن داعش مع وحشيتها لا يمكن أن تكون صورة عالم الغد ويبقى لبنان بنموذجه نموذجاً لسلام الغد". وقال "هذا النموذج اللبناني التعايشي، إذا الغى من داخله كل نزوات الإنعزال أو الإستقواء، وارتضى بالحرية والشراكة والمساواة كقيم ثلاث لجمهورية العيش الواحد، يمكن إعتماده نموذجا بديلا لحل مشاكل المنطقة ودولها وكياناتها".
ابطال 7 مواد: على صعيد آخر، وفي قرار قضائي لافت، هو الثاني بعد إبطاله قانون الضرائب منذ أشهر، أبطل المجلس الدستوري اليوم 7 مواد من موازنة 2018، بينها المادة 49 التي تعطي الأجانب حق الاقامة في حال تملك شقة في لبنان، وذلك بموجب الطعن الذي كان رئيس الحزب النائب سامي الجميل و9 نواب آخرين تقدموا به في 24 نيسان الفائت، في قرار اتخذ بغالبية 9 أعضاء من أصل 10 في ظل اعتراض نائب الرئيس القاضي طارق زيادة الذي طالب بضرورة ابطال المادة 87 من الموازنة التي تنص على وجوب قطع الحساب قبل نشر قانون الموازنة. وفي جلسة ماراتونية استمرت 4 ساعات، لم يبطل المجلس الموازنة كاملة (وهو ما طالب به مقدمو الطعن باعتبار أنها أقرت من دون قطع حساب)، نظرا إلى الأوضاع المالية للدولة اللبنانية. ورد "الدستوري" الطعن بشأن مخالفة المادة 87 من الدستور كما رد الطعن بالفصل الثاني من قانون الموازنة والبابين الثالث والرابع.
افتتاح السفارة: اقليميا، في ذكرى نكبة 1948 وعلى وقع مواجهات دامية بين الجيش الاسرائيلي وفلسطينيين خرجوا الى الشوارع في غزة إحياء للمناسبة سقط خلالها اكثر من 40 قتيلا، تفتتح الولايات المتحدة سفارتها الجديدة في القدس، وقد اشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"يوم عظيم" لاسرائيل...
رفض لنقل السفارة: من جهته، عبّر الكرملين اليوم عن مخاوفه من أن يؤجج نقل السفارة التوترات في الشرق الأوسط. أما متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي فقال "بريطانيا لا تعتزم نقل سفارتها من تل أبيب وتكرّر اختلافها مع القرار الأميركي". بدوره، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن الولايات المتحدة خسرت دورها كوسيط في منطقة الشرق الأوسط بنقل سفارتها الى القدس. وأضاف إردوغان في كلمة بمؤسسة تشاتهام هاوس البريطانية "اختارت الولايات المتحدة بخطوتها الأخيرة أن تكون جزءا من المشكلة لا الحل وخسرت دور الوساطة في عملية السلام"، في حين يعقد مجلس الجامعة العربية اجتماعا طارئا في شأن القدس الاربعاء على مستوى المندوبين الدائمين لبحث "سبل مواجهة قرار الولايات المتحدة غير القانوني".
النووي في موسكو: على صعيد آخر، حضر في موسكو في لقاء بين وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف الاتفاق النووي وسبل انقاذه بعد انسحاب الولايات المتحدة. وأشار ظريف الى ان روسيا أكدت استعدادها لاحترام الاتفاق النووي، وان الطرفين سيفعلان كل شيء لانقاذه، مؤكدا أنه سيسعى الى الحصول على ضمانات من الدول الموقعة على الاتفاق، قائلا "سيتم الدفاع عن مصالح طهران".
انطلاق استانة: سوريًّا، انطلقت في العاصمة الكازاخستانية أستانا الجولة التاسعة من المحادثات حول سوريا بمشاركة ايران وروسيا وتركيا، اضافة الى وفد من النظام السوري، على ان يصل في وقت لاحق من اليوم وفد من المعارضة اضافة الى مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستيفان دي ميستورا. وفيما امتنعت الولايات المتحدة عن المشاركة في الاجتماع، اعتبر المبعوث الخاص للرئيس الروسي للتسوية في سوريا، أن رفض واشنطن المشاركة في مفاوضات أستانا، يعني عدم دعمها جهود المجتمع الدولي لتسوية الأزمة السورية سلميا.