مؤشرات على أن جلسة 9 ك2 حاسمة
كتبت كارول سلوم في “اللواء”:
تختلف عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت هذه المرة عن سابقاتها لناحية تكوين مشهد حاسم للاستحقاق الرئاسي بعدما تحققت أولوية وقف إطلاق النار، ويمكن في الوقت نفسه إظهار الانطباع أن دور فرنسا في لبنان لم يتبدل على الأطلاق وهو الذي وصف بالرافعة.
اتت هذه الزيارة في خضم المرحلة التي أفضت إليها الحرب وما افرزته من تحولات وتعهدات محلية في إتمام كل مستلزمات عودة المؤسسات وبناء الدولة. اما تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة انتخاب في التاسع من كانون الثاني من العام المقبل هو ترجمة لمواقف أطلقها بشأن تحريك الملف بعد انتهاء العدوان وهذا ما أشار إليه الأمين العام لحزب لله الشيخ نعيم قاسم في إطلالته الأخيرة، والى حين موعد جلسة الانتخاب ستكون له إطلالة أخرى أكثر وضوحا.
فهل لبنان فعلا أمام موعد إنجاز هذه الانتخابات في الموعد الذي حدد لجلسة الانتخاب؟ قد يكون من الصعوبة بمكان جزم الأمر منذ الآن، انما من السهولة القول أن الرئاسة حاصلة في العام ٢٠٢٥ الا اذا حصل ما ليس في الحسبان.
من المؤكد أن أمام الكتل النيابية فترة لا تتعدى الشهرين من أجل بت التوجهات والمقاربات كما التحضير لهذه الجلسة وما قد يعقبها من جلسات ربما لخروج الدخان الأبيض الرئاسي.
لن ينفصل هذا التحضير عن مواكبة عملية وقف إطلاق النار باعتبار أن أي مس أو خرق له يعيد الملف الرئاسي أشواطا جديدة إلى الوراء، ولكن لوضع الفرضية التفاؤلية بشأنه وللاستفادة من مقتضيات هذه المرحلة.
فأي سيناريوهات مرجحة لهذا الملف؟ في تقدير مصادر سياسية مطلعة أن الموفد الرئاسي الفرنسي لن يترك الملف عالقا وسيعمل بشكل مكثف لاجتراح الحل ولا سيما إذا كان الكلام عن تسهيلات واستبعاد المنحى التعطيلي سيترجم على أرض الواقع، والظاهر ان هذه الجولة تأسيسية قبل موعد الجلسة التي قال الرئيس بري أنه سيدعو إليها السفراء العرب والأجانب، وهذا مؤشر إلى أنها مثمرة بالطبع ما لم يتربص «الشيطان» بالمساعي لانتخاب الرئيس، مشيرة إلى أن رئيس المجلس رمى المسؤولية أمام النواب الذين يدخلون فصولا جديدة من التشاور من أجل التوافق على الرئيس العتيد، وتتحدث عن انطلاقة المحركات الرئاسية بعجلة والبدء بمناقشة الأفكار الهادفة إلى إنجاز التفاهم ولذلك من المرتقب أن تبدأ جولات واجتماعات نيابية بين الكتل والحلفاء مع مواكبة للجنة الخماسية ، وليس مستبعدا ترشيح أسماء جديدة تحظى بتوافق جميع الكتل النيابية ولا تشكل تحديا لأحد بعيدا عن أية انقسامات معهودة.
وتعتبر أن النصاب الذي كان محور تباين بين الافرقاء في جلسات الانتخاب السابقة سيعمل على تأمينه، مؤكدة أن الرئيس العتيد يرجح أن يكون نتاج هذا التوافق، اما اذا كان من تنافس فليتم وفق الأصول الملائمة، وانطلاقا من هذا الأمر فإن مجموعة أسماء ستتقدم إلى الواجهة تحمل صفات التوافق وتحاكي تطلعات المرحلة ولاسيما تنفيذ القرارات الدولية ووضع الاستراتيجية الدفاعية ومسألة السلاح ودعم الجيش وانتشاره في الجنوب وفق القرار ١٧٠١ والنهوض بالوضع الاقتصادي فضلا عن جملة مهمات تقع على عاتق الرئيس المنتظر والذي سيمنح دعما عربيا ودوليا وأميركيا بمجرد وصوله إلى قصر بعبدا وقبل ذلك خصوصا أن قرار وقف إطلاق النار بنقاطة الـ ١٢ تستوجب حكما متابعة من رئيس الجمهورية كي يتم تثبيته والانتقال إلى أمور أخرى، والرئيس جدبد لن يستثني أحدا وسيكون على مسافة من الجميع ويملك القدرة على التعاون مع الحكومة الجديدة. وفي كل الأحوال لم يتطرق لودريان إلى هذه التفاصيل، لكنه حض وقال أن المهلة المعطاة للنواب كفيلة بالتوصل إلى تفاهم.
وتوضح أنه كلما توفرت مقومات، ومؤشرات النجاح لجلسة حاسمة في 9 ك2 تؤدي المناخ المؤدي إلى انتخاب رئيس الجمهورية، على أن تقرُ القيادات اختبار النجاح في أخذ العبر وتقديم التنازلات، لكن المصادر تتخوف من انتكاسة تصيب اتفاق وقف إطلاق النار وانعكاس ذلك على الملف الرئاسي، ولذلك فإن العمل جار على تمرير الملف الرئاسي قبل انتهاء ما يعرف بهذه الهدنة للشهرين المقبلين.
قد لا تكون هذه الزيارة الأخيرة للودريان إلى لبنان التي استبق مناقشاتها الرئيس بري بدعوته إلى جلسة الانتخاب، وهي بمثابة دعوة متجددة للتفاهم على رئيس يلبي طموحات اللبنانيين، على أن يبقى على خط انجاز الاستحقاق.