بعد قرار الكنيست...هل تبخّر حلم التطبيع الاسرائيلي مع السعودية؟
يولا هاشم
المركزية – بعد تبني الكنيست الاسرائيلي الاسبوع الماضي قرارا ينص على رفض إقامة دولة فلسطينية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ المجلس، بدأت التساؤلات عن مصير التطبيع بين المملكة العربية السعودية واسرائيل، خاصة وان السعودية أكدت أن إقامة أي علاقة مباشرة مع إسرائيل يجب أن تتم في إطار حل الدولتين، وبضمانات أميركية ودولية، لضمان التزام إسرائيل بتعهداتها وعدم تراجعها عنها. فهل تبخّر حلم التطبيع الاسرائيلي مع السعودية؟
المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد ان "الموقف السعودي كان واضحاً منذ البداية الى جانب الاعتدال العربي، والذي يعتبر ان لا يمكن ايجاد حلول موسمية وبأن المملكة لن تساعد في إعمار غزة كي تعود وتُدمَّر مرة ثانية من جديد بعد سنتين او خمس سنوات. عندها من سيعمِّر غزة؟
"لأن الحلول الموسمية تصبّ في مصلحة الولايات المتحدة وايران واسرائيل، بينما العرب كانوا يتحدثون امام المجتمع الدولي عن عدالة الحقوق العربية وبناء الدولة الفلسطينية ومبدأ "الارض مقابل السلام". هذا الشعار، الذي طرحته المملكة العربية السعودية منذ العام 2000، مع مبادرة الملك فهد بن عبد العزيز والذي ما زالت المملكة متمسكة به".
ويرى العزي ان "الاتفاق الابراهيمي شجع السعودية للمضي قدماً في مسار التطبيع مع اسرائيل، وهو ليس اتفاقاً لبيع القضية الفلسطينية، كما يظن العرب او الممانعون، انما أبعد من ذلك، هو الصراع على الرأي العام العالمي وتأكيد على أن العرب يريدون السلام لكنهم يطالبون بتطبيقه وترجمة الأقوال إلى أفعال، وبأن قلوبهم وصدورهم مفتوحة إذا طُبِّق اتفاق اوسلو والاعتراف بالدولة الفلسطينية. ولذلك انصبّت الجهود الدبلوماسية العربية عموماً والسعودية خصوصاً في العمل على تغيير الرأي العام داخل الدول من أجل إجبارها على الوقوف الى جانب قضية الشعب الفلسطيني المحقة، لأن هذه الدول تتأثر بالناخب فهو مَن يحاسب. وهنا اهمية الدبلوماسية السعودية".
ويشير العزي الى ان "السعودية عندما تريد ان تعترف باسرائيل، لا تحتاج إلى إذن من أحد، فهي تتمتع بشرعية اسلامية واقتصادية ووجودية في هذا المحور، ولذلك يتقاتل الجميع اليوم من اجل عقد اتفاقات اقتصادية معها نظرا لأهميتها ودورها. لهذا السبب طرحت مفهوماً واضحا "أننا كعرب لا نريد الحرب إنما السلام، وهذا السلام لا يمكن ان يأتي تأييدا او ترجمة او جائزة ترضية لاسرائيل، بل عليها الاعتراف بالدولة الفلسطينية الذي تم الاعتراف بها في العام 1948 في القرار 151 التقسيم الدولي، وبالتالي نحن ملتزمون بمؤسسة الامم المتحدة والقرارات الشرعية ونريد تنفيذ اتفاق اوسلو، إصلاح منظمة التحرير، إصلاح شرعية القوى. ولهذا، لم تقف السعودية في وجه حركة "حماس" ولم تدن أعمالها، باعتبار ان "حماس" في النهاية جزء من الشعب الفلسطيني الممثل الشرعي والوحيد لحل القضايا القادمة".
ويؤكد العزي ان "تعثر الاتفاق وما يحدث في غزة سببه أولاً ان اسرائيل تخشى من اليوم التالي لما بعد غزة، والذي لا يعني فقط وجود حماس او الانفاق او يحيى السنوار وانما من سيكون حامي المعابر ومن سيدير غزة قانونيا ودبلوماسيا وكيف ستكون السلطة في غزة، لأن الاتفاق الذي وقِّع (اتفاق اوسلو) لم يوقَّع مع حماس بل مع سلطة دولية مع السلطة الفلسطينية. اسرائيل لا تريد سلطة فلسطينية او موقف فلسطيني موحّد كي تتفادى البحث بدولة شرعية معترف بها".
ويرى ان "من يعطل اتفاق غزة هو الايراني نفسه الذي يحاول ان يجلس، في اليوم التالي لاتفاق غزة، على طاولة المفاوضات ويساوم على غزة لأنها ورقة بيده من أجل التفاوض على مشروعه النووي".
ويختم: " لن يكون حل فعلي للقضية الفلسطينية الا بالذهاب نحو إقامة دولة فلسطينية حرة في مؤسساتها. من هنا، قالت السعودية كلمتها. وبالتالي ستقع على كاهل الولايات المتحدة الاميركية اعباء كثيرة، لكن الحل غير متوفر حالياً وستكون مماطلة الى حين معرفة من سيكون (او تكون) السيد القادم في البيت الابيض بعد شهر ايلول. لذا، إن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يقدم اوراقه للرئيس الاميركي جو بايدن. في المقابل، ايران مستعجلة لإنجاز صفقة سريعة مع الحزب الديمقراطي تضمن لها حوافز وشروط وتعيد تعويم دورها في التفاوض كمفاوض اول تقرر عن "حماس" والقوى الاخرى وتفرض شرعية وجودها اكان لصالح الأذرع او لصالح مشروعها النووي".