العلاقات الروسية–الايرانية بين مدّ وجزر.. مرحلة تفاهم خاص
يولا هاشم
المركزية - من دون المغامرة بإيذاء علاقاتها مع إسرائيل، تعتزم روسيا على ما تفيد المعلومات مساعدة إيران في التصدي للضربة الإسرائيلية من خلال الكشف عن الطائرات المهاجمة والتشويش الإلكتروني، في وقت تستمر التهديدات الإسرائيلية بتنفيذ هجوم على إيران بعد هجوم الأخيرة الصاروخي ضدها في 1 تشرين الأول الجاري.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد منذ أسبوعين بعد محادثات أجراها مع نظيره الايراني مسعود بزشكيان في عاصمة تركمانستان عشق آباد "أن العلاقات مع طهران تشكل "أولوية" بالنسبة لموسكو وتتطور بشكل ناجح جداً"، وان البلدين يتشاركان "وجهات نظر متقاربة جداً" حيال التطورات الدولية.
كما التقى الرئيسان الروسي والايراني على هامش قمة "بريكس"، حيث قال بزشكيان أنّ "بإمكان البلدين إنشاء تعامل بناء في إطار مجموعة البريكس"، مشددا على ان العلاقة الروسية - الإيرانية إستراتيجية و"في صالح البلدين".
في المقابل، وفي ظل الضغوط الغربية على إيران بذريعة تعاونها العسكري مع روسيا خلال حربها على أوكرانيا، تساءل مراقبون عن سبب عدم تسليم موسكو الأسلحة الإستراتيجية وعلى رأسها مقاتلات "سوخوي-35" ومنظومة "إس-400" للدفاع الجوي التي سبق أن أتمت إيران صفقة شرائهما. فكيف يمكن وصف العلاقة الايرانية – الروسية؟
العميد المتقاعد ناجي ملاعب يقول لـ"المركزية": لم تكن العلاقة جيدة بين روسيا وايران، والتزمت موسكو بمبدأ العقوبات على طهران التي أقرتها الامم المتحدة، وبالتالي عندما كان هناك عقد بتوريد S300 الى ايران، التزمت روسيا بتوقيف توريد هذا السلاح، ما دفع بالحكومة الايرانية الى رفع دعوى قانونية لدى محكمة العدل الدولية ونالت حكما بذلك ودفع الروس المتوجبات مع غرامة. هذا كان في السابق، لكن بعد أحداث اوكرانيا تحسّنت العلاقات بين البلدين، واستفادت ايران مع انتهاء العام 2020 الذي انتهت معه فترة عقوبات الخمس سنوات التي فُرِضت عليها عام 2015 ضمن مباحثات الـ5+1 النووية، وبالتالي أصبح بإمكانها استيراد وتصدير أسلحة. وبعد العام 2020، ومع دخول روسيا الى اوكرانيا في 24 شباط 2022، أصبح لايران وروسيا عدو مشترك، هو حلف "الناتو"، هذا ما ألزم إعادة العلاقات الى وضع افضل، لكن التعاون العسكري بدأ عندما صدّرت ايران "الشاهد 136" الطائرة المسيرة الى روسيا، وبالتالي تمكّن الايرانيون من خط انتاج مسيرات قتالية عام 2013، في حين لم يكن هناك إلا 4 دول تستطيع انتاج المسيّرة القتالية، بالاضافة الى اسرائيل وبريطانيا والولايات المتحدة الاميركية. وذلك، عندما اسقطت عام 2013 في جبال تورابورا، الطائرة الاميركية الحديثة MQ-9 Reaper ذات تقنيات عالية المستوى، ويبلغ ثمنها 30 مليون دولار ولم تبِعها الولايات المتحدة الى الخارج، كانت تستخدمها في أفغانستان. يبدو ان ايران، عندما اسقطتها سليمة تعاونت مع خبراء صينيين باكتشاف هذه الطائرة، وبالتالي بدأ خط المسيرات فتفوقت طهران في هذا الاتجاه. وهذا ما نشهده حالياً في جبهة لبنان بقدرات حزب الله، حيث نجد هذه التقنيات".
ويشير ملاعب الى ان "معيار قوة الجيوش تقاس بما تمتلكه هذه الدول من طاقة قتالية جوية. وبالتالي، فإن طهران، التي حُرِمت من الطاقة القتالية الجوية، حاولت عبر التعاون مع الروس شراء سوخوي سو-57 وهي احدث طائرة روسية من الجيل الخامس، تكاد توازي الـF35 الاميركية، الطائرة الخفية التي لا يكتشفها الرادار ولها مميزات كبيرة. لكن عاد الروس واستبدلوها بالـ"سو – "35 وهي من الجيل الرابع والنصف، ربما بسبب ثمنها او عدم قدرة الروس على بيعها او حاجتهم لها، السبب غير معلوم، لكن هذا ما حصل.
ويعتبر ملاعب ان "اوروبا تتهم ايران بأنها تدعم الجيش الروسي ليس فقط في المسيرات بل أيضاً بصواريخ. وهنا أتساءل كيف وصلت طهران الى الصواريخ الفرط صوتية. نفهم تطوير ايران للصواريخ الباليستية من قبل علمائها، في غياب القوة الجوية وكونها خاضعة لعقوبات، لكن المستغرب ان يصبح لديها صاروخ فرط صوتي، فهذا يملكه الروس مع صاروخ "الكينجال"، ولذلك قد تكون ايران حصلت عليه جراء تعاون روسي – ايراني، او حتى صيني - ايراني لأن الصين تملك ايضا صاروخ فرط صوتي الـDF - 27 ايضاً بتقنيات عالية جدا حتى اقوى من الصاروخ الروسي".
ويتابع: "لذلك فإن العلاقة بين البلدين اليوم هي علاقة تفاهم خاصة عندما قاتلوا معا في سوريا، خاصة عندما ذهب قاسم سليماني الى روسيا وطلب تدخل روسي في سوريا لنجدة النظام حينها عام 2015، بالتالي أصبحت هناك علاقات عسكرية مباشرة بين ايران وروسيا. حاليا يبدو ان ايران عادت وحصلت على الـS300 إضافة الى الـS200 الذي كانت تملكه سابقاً وطورته وصنعوا له صاروخا خاصا به أبعد مستوى من تنظيم الـS200 ورادارات عالية المستوى وحديثة، لذلك فإن طهران تملك نظام دفاع جوي كبير اساسه روسي الـS200 بالاضافة الى الـٍS300، لكن الـS400 لم تبِعه روسيا لأي كان. تركيا اشترت الـS400 لكن وجوده على أراضيها اضر بها، لأنها كانت تعقد العزم للحصول على الـF35 الاميركية، إلا ان الولايات المتحدة اوقفت العقد معها لأن من غير الممكن اعطاء طائرة الـF35 بمكان فيه نظام دفاعي روسي. ليس هناك من مؤامرة في هذا الموضوع، لا يعطي الاميركيون هذه الطائرة كي يكتشفها الدفاعي الروسي".
ويختم: ثبت ان ايران أعطت روسيا طائرات، من خلال حطام المسيرات التي وقعت في اوكرانيا وتبين انها ايرانية الصنع، رغم نفي ايران الامر. وقد تكون روسيا حصلت أيضا على اسلحة صاروخية ايرانية لحاجتها لها في معركتها بسبب الجبهة العريضة المفتوحة مع اوكرانيا".