الحزب يختار "ثقافة الشهادة" ولبنان وجيشه يدفعان الضريبة
نجوى ابي حيدر
المركزية- بشباب لبنان وشيبه بأطفاله ونسائه باقتصاده وبنيانه وما تبقى من مقومات دولة كان يتغنى بأمجادها ابناؤها لعقود خلت، تحارب ايران اسرائيل. حرب تخوضها الجمهورية الاسلامية مع الدولة العبرية عبر ذراعها حزب الله ويدفع ثمنها قادته وعناصره ومناصروه في بيئته، وهم احرار في خياراتهم وقناعاتهم ومبادئهم، وقد تشربوها منذ نشأتهم عن طريق تربيتهم على "ثقافة الشهادة"، وحبذا لو كانت شهادة من اجل الوطن لتبناها كل لبناني، لكنها للاسف ليست كذلك. حرّ هو من اختار هذا الدرب، وحر بالبقاء حيا او بالاستشهاد، لكن ماذا عمن لم يتبن خياره ومن لا يشاطره ثقافة الموت ويتمسك بحب الحياة؟ ماذا عمن لا يريد الحرب ولا الشهادة ولا فقدان ابنائه وارزاقه وجنى عمره، ماذا عن كل هؤلاء، وهم حتما اكثر من نصف الشعب اللبناني، بمن فيهم من يناصرون قضية فلسطين وأحقية شعبها في استرجاع ارضه ويعادون اسرائيل، ولكن لهم وجهة نظر اخرى من معالجة القضية؟
وبعد، ماذا عمن يرفضون بالمطلق استخدام لبنان ذراعا عسكرية لأهداف ايران الخاصة وتدفيعه ثمن حربها مع تل ابيب؟ ماذا عمن يستشهدون من داخل بيئة الحزب بغارات عدو مجرم، وهم غير مقتنعين بجدوى حرب مساندة لغزة، ثبت بالوقائع والبراهين انها لم تساند غزة قيد أنملة، بل دمرت لبنان وقتلت اكثر من 2600 من ابنائه حتى الساعة وجرحت عشرات الالاف وما زالت؟
وبعد ايضا وايضا، ماذا عن جر جيش الوطن المنهك بفعل الازمات العاصفة بالبلاد منذ اكثر من خمس سنوات الى الحرب عنوة ليدفع ضباطه وعناصره ثمن افعال الحزب وخياراته، وقد انضم الى قافلة شهدائه اليوم ثلاثة بينهم ضابط برتبة رائد هومحمد فرحات الذي كان سطّر إنجازاً العام الماضي بوجه إسرائيل، حين منع جيش العدو من تثبيت وتَد عند الخط الأزرق مقابل بلدة عيتا الشعب، وشارك في معارك نهر البارد واصيب حينها،وهو وحيد أبويه، بحسب بيان قيادة الجيش الذي اشار الى انه استشهد مع العنصرين الجنديين محمد بزال وموسى مهنا، باستهدافهم من العدو الاسرائيلي في بلدة ياطر –بنت جبيل جنوباَ أثناء تنفيذ عملية إخلاء جرحى؟
لا ليس حق حزب الله ومن خلفه ايران ان يفتعل بلبنان ما يفتعل ولا ان يجر جيشه الى حرب لا تخصه، ولا ان يهجّر ابناءه ولا ان يعطي اسرائيل الفرصة لتدميره ،وهو عالم بتفوقها تكنولوجيا وتقنيا وعسكريا. لا ليس من حقه ان يقطع آخر خيط أمل لدى شبابه بالبقاء فيه يعاينون مصيرا اسود يخطّه لهم حزب عقائدي ايديولوجي، فيما دولتهم المستسلمة لمشيئته عاجزة عن حمايتهم وضمان مستقبلهم...والآتي أعظم ما دامت كل الجهود الدبلوماسية المبذولة دوليا تعجز عن ارساء حل دبلوماسي يوقف الانتحار الذي قرره الحزب له وللوطن أجمع، ولا تنفع معه دعوات اميركية لاسرائيل لضمان سلامة وأمن الجيش اللبناني، ما دام بنيامين نتنياهو لا ينصت الا للشيطان الذي في داخله ولا تردعه قوافل الموت التي يرتكبها جيشه بمجازر يومية، بدليل أن وزير الدفاع الاميركي لويد أوستن لم يكد ينهي اتصالا مع نظيره الاسرائيلي يواف غالانت امس أبلغه خلاله أن واشنطن تشعر بقلق عميق إزاء تقارير تحدثت عن ضربات على الجيش اللبناني، وحثه على التأكد من أن إسرائيل تتخذ خطوات لضمان امن الجيش وبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان حتى استُهدف الجيش اللبناني وسقط ثلاثة شهداء، على رغم معرفة اسرائيل انه لا يخوض الحرب ضدها بتفويض من الحكومة اللبنانية وان حربه مع حزب الله مباشرة ومع ايران بالواسطة.
مهمة حزب الله انتهت يوم تحوّل مقاومة من اجل ايران وقدمها على مصلحة لبنان. مهمته لا بد من ان يوضع لها حدّ لإنهاء المعاناة. اما الخلاص، فبالجيش وحده ليضمن لبنان بقاءه، وبه وعبره ومعه سيستعيد دولته. دولة المؤسسات حيث لا غالب ولا مغلوب، حيث لا فائض قوة لأي فريق على آخر، حيث الجميع متكافئ ومتساوٍ. بتعزيز الجيش ودعمه من جانب الدول الحريصة على استمرار وجود دولة اسمها لبنان، المجتمعة اليوم في قصر المؤتمرات في باريس، برفده بالعتاد والمستلزمات التي يحتاجها للانتشار، ليس فقط جنوبا، بل على كامل ارض الوطن وحيث الحاجة، بتأمين معيشة لائقة لعناصره، يُعاد بناء الوطن وحمايته ويتوقف مسلسل الاجرام الاسرائيلي. بتطبيق القرار 1701 بكامل بنوده من دون استثناء ينجو لبنان...والا عليه وعلينا السلام.